المصدر: الانباء الكويتية
الكاتب: بولين فاضل
الاثنين 7 نيسان 2025 00:28:01
إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصف رزمة الرسوم الأميركية الجديدة على واردات اكثر من 180 دولة ومنطقة في العالم بـ «يوم التحرير للاقتصاد الأميركي»، فإن كثيرين في المقابل وصفوا ما جرى بـ«الزلزال والحرب العالمية الاقتصادية» التي لها مفاعيلها وتداعياتها على النظام التجاري العالمي، وثمة من يتخوف منذ الآن من رفع مستويات التضخم العالمي ودخول الاقتصاد العالمي في مرحلة الركود.
والمفارقة أن حرب ترامب طالت الخصوم والحلفاء على حد سواء، ولم يستثن منها حتى أصدقاء الولايات المتحدة كالمملكة المتحدة وكندا والمكسيك تحت شعار أو هدف معلن رفعه سيد البيت الأبيض، وهو محاربة التضخم في بلاده وإعادة بناء قوتها الصناعية وخفض العجز في الميزان التجاري وزيادة الإيرادات الضريبية.
وذهب بعض الخبراء الاقتصاديين إلى حد استحضار الانهيار التاريخي الكبير في العام 1929، معتبرين أن ما يجري اليوم لا يقل سوءا طالما تدبير ترامب طال العالم بأسره. وقد قاربت الضريبة على بعض الدول 50% كحد أقصى و10% كحد أدنى، فيما بلغت على العملاق الصيني 34%، علما أن الصين تسيطر بنسبة 35% على الناتج الصناعي العالمي (تسيطر في مجال الذكاء الاصطناعي وصناعة السيارات والطاقة البديلة) مقابل مساهمة في هذا الناتج بنسبة 15% للولايات المتحدة.
وعلى صعيد الدول العربية، تقدمت سورية لائحة ترامب برسوم جمركية بلغت نسبة 41%، مع الإشارة إلى أن قيمة صادرات الدول العربية في العام 2024 إلى الولايات المتحدة بلغت 80.4 مليار دولار. أما لبنان، فكانت نسبة التعريفات الجمركية عليه 10% علما أن صادراته إلى الولايات المتحدة في العام 2024 قدرت بـ 100 مليون دولار مقابل واردات منها بقيمة 570 مليون دولار، وفيما تشمل الصادرات بشكل خاص الصناعات الغذائية والمجوهرات، تشكل السيارات النسبة الأكبر من الواردات الأميركية إلى لبنان، يليها الدواء.
وعن أثر الرسوم الجمركية الأميركية على الاقتصاد اللبناني، تحدث إلى «الأنباء» عضو مجلس إدارة جمعية الصناعيين اللبنانيين ورئيس تجمع الصناعيين في كسروان بول أبي نصر، فقال: «إن الأثر محدود جدا لكون لبنان يصدر إلى الولايات المتحدة بقيمة 100 مليون دولار في السنة وأكثر صادراته لا بديل عنها من أصناف أميركية محلية، لذا لا منافسة يمكن أن تخرج لبنان من السوق الأميركية، فضلا عن أن المنافس له الذي يصدر من بلد آخر شملته الرسوم الجمركية أقله بمقدار لبنان أو أكثر».
وتوقف أبي نصر عند تأثير إيجابي محتمل يتعلق بـ «انتقال شركات صناعية إلى لبنان حيث نسبة الرسوم المفروضة أقل، بدلا من وجودها في بلدان أصبحت التعريفات الجمركية الأميركية عليها بنسبة 30 أو 40%. وهذا ما قد يدفعها للانتقال إلى لبنان والتصنيع فيه والتصدير منه إلى الولايات المتحدة»، مضيفا أن «الأمر الإيجابي الثاني قد يكون أخذ لبنان من درب بلد آخر مثل الصين (الرسوم الأميركية عليها بنسبة 34%) والحلول مكانها في قسم من الإنتاج، وهو الذي سيسمح له بزيادة إنتاجه». وفي الوقت عينه، حذر أبي نصر من «خطر إغراق الأسواق اللبنانية ببضاعة بأدنى من كلفتها بسبب فائض الإنتاج في دول تواجه مشكلة في التصريف مثل الصين وبنغلادش»، مؤكدا أن «الإغراق تصرف غير قانوني ويجب التنبه اليه».
وإذا كان المثل الشائع يقول«مصائب قوم عند قوم فوائد»، فإنه في حالة لبنان مع رسوم الرئيس دونالد ترامب يمكن القول «مصائب رسوم عند لبنان فوائد»، وفي هذا الإطار قال عضو مجلس إدارة جمعية الصناعيين بول أبي نصر إن «الجمعية تواصلت مع وزارة الاقتصاد من أجل اقتناص الفرصة والمباشرة سريعا بالتفاوض مع الإدارة الأميركية بشأن تخفيض لبنان الرسوم الجمركية على البضاعة الأميركية، بالنظر إلى أن ميزانه التجاري يميل لمصلحة الولايات المتحدة وذلك مقابل تخفيضها الرسوم على البضاعة اللبنانية»، معتبرا «أن من شأن ذلك في حال حصوله زيادة الصادرات اللبنانية واستقطاب شركات يعنيها أن تستثمر في بلد يصدر إلى الولايات المتحدة بضرائب صفر».