بـ"صفر" تكاليف..مشاريع الـ"أون لاين" تخلق فرص عمل جديدة للشباب اللبناني

نجحت سمر خوري (32 عاماً) في أن تصبح مندوبة موقع she in  الصيني في بيروت، إذ بات لديها عدد جيد من الزبائن، وتقوم بشراء البضائع وشحنها إلى العاصمة وبيعها، وهو ما وفّر لها مدخولاً جيداً بحسب تعبيرها.

بدأت خوري بشحن بضائع على حسابها الخاص وبيعها للأصدقاء، بعدها توسعت قاعدة الجمهور الخاص بها، وباتت مقصداً للكثير من رواد التواصل الاجتماعي لشراء الثياب والحلى والمستلزمات المنزلية من الموقع. تقول  لـ "المدن":" بدأت القصة بعدما منحني الموقع خصومات نظير كميات البضائع التي أقوم بشرائها وشحنها إلى العاصمة بيروت، وهو ما ساعدني في جذب الكثير من السيدات لشراء احتياجاتهن". تضيف "عوامل عديدة ساعدتني في جذب العملاء، من أبرزها أن النظام المصرفي في لبنان لا يمنح الكثير من المواطنين بطاقات مسبقة الدفع، خصوصاً الأشخاص من أصحاب الحسابات المجمدة، وبالتالي لايمكنهم التسوق مباشرة ومن جهة ثانية، تمكنت من تأسيس عملها عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال معرفتها بأسس التجارة الرقمية".

التجارة الرقمية

نجاح خوري في التجارة الإلكترونية وتحديداً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ليس الأول من نوعه. لجأ لبنانيون كثر إلى هذا النمط من العمل، بعد الانهيار الاقتصادي وغياب القدرة على تحمل تكاليف تأسيس متاجر ومؤسسات.

فيرا الأحمد، أسست متجراً على صفحتها الخاصة على موقع انستغرام، لبيع الألبسة والأحذية الـ "ستوكات"، إذ تعمل على خط تركيا-الإمارات لشراء البضائع وتقوم ببيعها عبر صفحتها. تقول لـ "المدن":" لم يتطلب العمل أكثر من هاتف بمستوى جيد، لتصوير البضائع وعرضها". تضيف " بدأت الفكرة من خلال صفحة متخصصة ببيع البضائع "الستوك" في دولة الإمارات، ومن خلال المحادثة معهم، تم الاتفاق على شراء البضائع وتسويقها في لبنان". تشير إلى أن هناك آليتين  للعمل، الأول شراء البضائع من دون معاينتها، وهي عادة ما تكون بسعر منخفض جداً، وقد تحتوي على علامات تجارية شهيرة، أو بضائع عادية، أما الالية الثانية، فهي اختيار البضائع، وتكون بأسعار مرتفعة إلى حد ما". تسافر الأحمد كل ثلاثة أشهر تقريباً لشراء البضائع، وشحنها.

أما عن العراقيل التي تواجه عملها، فتقول" تعد مصداقية الزبون العامل الأساسي لنجاح الصفقة أو فشلها، بمعنى قد يطلب أحد الزبائن شحنة ما، لكنه يختفي تماماً ولا يقوم بتسديد المبلغ المطلوب، وهو ما يجعلها تخسر جزءاً من رأس المال، وفي هذا الصدد، وبحسب تعبيرها، تسعى إلى بيع البضائع لزبائن محددين، أو معروفين لديها، أو يتم تزكيتهم من أصدقائها.

تعتمد الأحمد في عمليات البيع على شركات التوصيل الدلفري، التي باتت أيضا ًمنتشرة بشكل واسع في لبنان، وتساعد في إيصال البضائع خلال 24 ساعة تقريباً وبتكلفة لا تتخطى الدولارين في العاصمة بيروت، وترتفع في المناطق البعيدة.

تجارة من نوع أخر

في منطقة النبطية جنوب العاصمة اللبنانية، تمكنت هدلة عياش( 22 عاماً)، من تأسيس مجموعة محادثة على تطبيق واتس أب لعرض بضائع التجار، وتحتوي الصفحة على أكثر من 3000 مشترك، وبالتالي باتت قادرة على تسويق وعرض بضائع التجار في المنطقة، وبيعها، والحصول على عمولة خاصة بها.

بدأت عياش عملها مع دخولها إلى الجامعة، إذ ساعدتها تقنيات التسويق الرقمي في تأسيس عدة صفحات على وسائل التواصل ونشرها بين المواطنين، وهو ما حولته إلى مدخل لجني الأرباح. تقول "العمل عبر تطبيق "واتس أب" سهل جداً، ولا يحتاج إلى الكثير من التقينات. تقوم بنشر الدعايات الخاصة بالتجار، والبضائع، وتستلم الطلبات وتقوم بتسليمها للتجار.

فرضت الأزمة الاقتصادية في لبنان على الكثير من المواطنين آليات جديدة في العمل. فلم يعد العمل التقليدي مربحاً، في ظل دولرة البضائع من جهة، وتكاليف الإيجار، وتسديد ثمن الكهرباء والماء، وهو ما جعلهم يلجأون إلى العمل الإلكتروني، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

 

عوامل النجاح

ساعدت عوامل عديدة في نجاح عمل الشباب اللبناني عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فالمجتمع اللبناني فتي رغم الهجرة، إلا أن الكثير من الشباب لا يزالون في لبنان، وبالتالي يمتلكون القدرة والمعرفة على التسوق عبر الإنترنت وبشكل فعال.

وبحسب بيانات مؤسسة Statista البريطانية، فقد تم الإشادة بلبنان باعتباره الدولة في الشرق الأوسط التي تتجه بسرعة أكبر إلى استخدام الهاتف المحمول - ينمو انتشار الهواتف الذكية في البلاد بوتيرة سريعة كل عام، حيث قفز من حوالي 25 في المائة في عام 2006 إلى 63.61 في المائة في عام 2021. بالنسبة للإنترنت عبر الهاتف المحمول، يمكن أن يُظهر الاهتمام بالتصفح والتسوق من الهاتف الذكي، أو بتنزيل التطبيقات التي ترعاها شركات مختلفة. يمكن للمتسوقين القفز بسهولة على هذه المنصات، وشراء ما يحتاجونه. صحيح أن البنى التحتية في لبنان، إن لجهة سرعة الإنترنت أو تكاليفه مرتفعة مقارنة مع القدرة الشرائية، إلا أن ذلك لم يؤثر على رغبة اللبنانيين في التسوق عبر وسائل التواصل الاجتماعي من جهة، ومن جهة ثانية، في إيجاد فرص عمل جديدة رغم الأزمة المالية وبتكاليف "صفر" تقريباً بحسب ما أجمع عليه العاملون في القطاع.