المصدر: المدن
الكاتب: لوسي بارسخيان
السبت 3 أيار 2025 16:35:31
وبحسب أحد أصحاب مؤسسات الطباعة المخضرمة جان لطيف، لطالما كانت الانتخابات البلدية أقل زخماً من النيابية من حيث الإنفاق، نظراً لأن الحملات تستهدف مجتمعات محلية صغيرة. فلكل بلدة حملتها المختلفة عن الثانية، وتستهدف عدداً محدوداَ من سكان البلدة وناخبيها، ما يعني أن التفاوت يبدأ في الأساس بحجم الإنتاج، هذا بالإضافة الى إمكانية التخلي عن بعض لوازم هذه الانتخابات من علب الطعام التي تحمل شعارات الحملات، والستر وحتى القبعات. وعليه لا يعتبر لطيف الانتخابات البلدية موسماً يمكن أن ينعش مؤسسات الطباعة، خصوصاً أن المضاربة كبيرة جداً في السوق، وهي تتفاقم في مواسم الانتخابات بسبب تطفل الدخلاء على المصلحة، وهذا ما يجعل أصحاب مؤسسات الطباعة الكبيرة لا يتحمسون كثيراً لموسم الانتخابات أرباحه بالنسبة لهم تبقى محدودة جداً.
ومع ذلك تشكل الحملات الدعائية المرافقة للمعارك الانتخابية في بعض القرى، منازلة واقعية بين الأطراف المتنافسة، يحاول من خلالها كل طرف أن يبين قوته من خلال حجم المساحات التي تحتلها صوره، أو حجم الصور نفسها التي ترتفع على المباني وأسطحها. ويختلف هذا الواقع وفقاً لايلي حاج موسى وهو صاحب مؤسسة طباعة أيضاً، قياساً مع حماوة التنافس، شارحاً أنه في بعض البلدات بدأت فعلاً تنفق الأموال الطائلة على "البوسترات" والصور، وأيضاً على السترات والقبعات وعلب الطعام، وحتى اللواصق على نوافذ السيارات والأقلام. إلا أن هذه الحملات محدودة جداً في معظم البلديات والقرى التي تخوض منافسات عائلية غير حامية هذا العام.
ويتجنب المسؤولون عن الحملات الانتخابية الخوض في التفاصيل المالية المخصصة لنفقات الطباعة أو لغيرها من النفقات، إلا أنه بحسب الحاج موسى فإن الكلفة تحددها الكمية كما النوعية. وكلما كانت كمية المطبوعات المطلوبة أكبر كلما قل سعرها بالنسبة للقطعة. ويلفت إلى أن كلفة الـ"تيشرت" مع قبعة تحمل شعار الحملة، تتراوح بين 4.5 و6 دولارات، مع فروقات حسب جودة الخامات وعدد الألوان. أما المتر المربع من البوسترات فيتراوح بين 4 و5 دولارات، مع كلفة إضافية بحسب الموقع الذي ترفع فيه الصور، خصوصاً عند حجز اللوحات الإعلانية الكبرى (Billboards).
حملات رقمية
مع أن معظم المال المرصود في الحملات الدعائية التقليدية هو حتى الآن للوائح المتنافسة، يبدو لافتاً في المقابل ما تتيحه وسائل التواصل الإجتماعي من فرص إضافية لتعزيز الدعايات الفردية لكل مرشح على حدة أو حتى للوائح المرشحين في القرى والبلدات الصغيرة التي لا تحتاج الى دعاية على نطاق واسع. وعليه اجتاحت صفحات المرشحين واللوائح، الميديا، وخصوصاً تطبيق فايسبوك، وأبرزت جهداً إحترافياً في تقديم المرشحين وبرامجهم.
لا شك أن الانتخابات البلدية الحالية شكلت فرصة يمكن استغلالها بالنسبة لصانعي المحتوى. ولكن "بيزنس" خلق صفحات للمرشحين على الميديا، يتجاوز هؤلاء الى شبكة من المصورين المحترفين، والصحافيين المبتدئين وكتاب الشعارات والنصوص القصيرة المخصصة للميديا، والناشرين، والمتخصصين بإدارة الصفحات.
انطلاقا من هنا شرح أحد المعنيين بإدارة حملة إنتخابية فضل عدم ذكر اسمه، أن المحتوى الإفتراضي يضاهي بأهميته الحملات التقليدية، ولكن من دون أن يعني ذلك إسقاطها نهائياً من الميزانية المخصّصة للحملات الإنتخابية. وإذ يتحدث عن أمور تقليدية أساسية لا يمكن التخلي عنها، مثل طباعة اللوائح والعلب واللواصق والـ"تيشرت" والقبعات، يشير في المقابل الى أن السوشيال ميديا أتاحت للبرامج الانتخابية سهولة الوصول الى جمهور أوسع وأكثر إستهدافاً، بأساليب وطرق مبتكرة، تتيحها خصوصا خاصيات الـ REEL والـ STORY، بالإضافة الى مجموعات الواتساب، التي أمنت تفاعلاً مباشراً مع الناخبين، وأغنت الحملات بشكل كلي عن وسائل الإعلام التقليدية، سواء أكانت مكتوبة أم مسموعة ومرئية، وبالتالي لم تعد هناك حاجة لتحصيص موازنات لها.
لا شك أن هذا التحول فتح آفاقاً جديدة أمام المرشحين للوصول إلى جمهور أوسع بوسائل أقل كلفة وأعلى فعالية. ولكنه في المقابل خلق تحديات جديدة أمام تحقيق العدالة الانتخابية الحقيقية، يرتبط معظمها بالقدرة على التحكم بالإمكانات التقنية كما المالية.
ومن هنا تشرح مصادر مؤسسة LADE لـ"المدن" أن المدة الزمنية القصيرة التي فصلت بين إعلان موعد الانتخابات وإجرائها، ربما تركت هامشاً ضيقاً أمام التحضير التقليدي لها، فاندفع معظم المرشحين إلى استخدام الوسائل الرقمية، التي قد تتيح فرصاً متكافئة نسبياً لعرض البرامج، لكنها لا تضمن مساواة في الإنفاق. إذ يبقى بإمكان البعض استخدام خاصيات مدفوعة للوصول إلى جمهور أوسع. ومن هنا إصرار LADE على ضرورة تنفيذ بنودها الإصلاحية المقترحة، والتي يطالب أحدها بتحديد سقف للإنفاق الانتخابي في الانتخابات البلدية أسوة بالنيابية، على أن يبقى هذا السقف منخفضاً، وخاضعاً لرقابة فعلية.