بيروت تفتقد معرض كتابها.. وهذا موعد الدورة رقم 63

في بلد ينهار كل شيء به تقريبا ويفقد المواطن قدرته على تأمين القوت والدواء وتعليم أولاده، هناك من يلتفت إلى حدث جلل بالنسبة لنخبة من اللبنانيين هو غياب معرض الكتاب العربي الدولي، الذي كان يعقد أواخر كل عام.

ففي الأسبوع الأخير من نوفمبر والنصف الأول من ديسمبر، كانت بيروت تحتفل بنفسها في "عرس الكتاب"، حتى صار المعرض جزءا من تاريخ لبنان وبصمته الوراثية.

وكان من غير الممكن تصور نهاية العام في بيروت من دون معرض الكتاب، وازدحام الشوارع المؤدية إلى منطقة الواجهة البحرية في العاصمة اللبنانية، مكان إقامة المعرض.

وبعد تداول أخبار عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي معظم وسائل الإعلام المحلية عن غياب المعرض للعام الثالث على التوالي، كشفت رئيسة النادي الثقافي العربي في بيروت سلوى السنيورة بعاصيري عن نية إقامة المعرض هذا العام، قائلة: "جرت العادة أن يقيم النادي معرض الكتاب العربي الدولي في بيروت في مثل هذا الوقت من العام، ونعم هي السنة الثالثة التي لم ينظم فيها المعرض في كانون الاول ، إنما هذا لا يعني أنه لن يعقد في وقت لاحق".

وكشفت السنيورة بعاصيري في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن موعد انعقاد المعرض في دورته رقم 63 ستكون في الفترة بين 3 و13 آذار المقبل، على أن تعقد الدورة التالية في الموعد الدائم، كانون الاول 2022.

وتابعت: "ستكون الدورة 63 الطبيعية التي كان من المقرر إقامتها قبل عامين إنما لم يتم ذلك بسبب جائحة كورونا، ولم تعقد في ديسمبر الجاري بسبب تجدد الجائحة من جهة، ومن جهة أخرى لعدم الانتهاء من تجهيز القاعة المخصصة لذلك، التي شهدت دمارا شاملا من جراء انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020، فالقاعة ملاصقة تماما للمرفأ".

وأضافت السنيورة بعاصيري: "من أولويات النادي الثقافي العربي إقامة معرض الكتاب. النادي يتحدى نفسه كما الناشرين والقراء أيضا. دائما هناك مفاجآت".

وأضافت: "سيقام المعرض على المساحة التي انتهى العمل من إعادة ترميمها بعد الانفجار، على أمل ألا تغيب دور النشر خصوصا العربية. سنطلب من الناشرين تحديد المساحات اللازمة لكل منهم كل وفق قدراته، وبناء عليه ستحدد المساحة وعدد الدول المشاركة"، مشيرة إلى أن "الأزمة طالت أيضا عددا من دور النشر في لبنان ولم تستثن قطاع الكتب".

وللعام الثالث على التوالي، يغيب معرض الكتاب العربي والدولي عن بيروت، الذي كان يشكل أبرز تظاهرة ثقافية في لبنان منذ انطلاقته قبل 65 عاما، قبل أن تلحق به تباعا معارض تقام في مدن عربية، واحدا تلو الآخر.

ننتظر المعرض

وفي السياق ذاته، قالت الكاتبة والإعلامية رولا عبد الله إن "الكتاب مركون على الأرفف في هذه الأزمة، ولا أعتقد أن الأجواء الحالية مناسبة للثقافة وللقراءة. ذكرني فيسبوك بموعد توقيع كتابي قبل 4 سنوات وشعرت بحسرة".

وأضافت لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "توجه القارئ نحو الكتاب الإلكتروني قد يؤثر على الإقبال على المعرض. نعيش حسرة الوجع على معرض بيروت، ونأمل إعادة تنظيمه خلال الأشهر المقبلة".

وقال صاحب دار نشر لموقع "سكاي نيوز عربية": "لا يمكن إبقاء بيروت غائبة عن مسرح الثقافة في العالم العربي، فهي كانت السباقة".

وأضاف: "يكاد المعرض يصبح جزءا من تاريخ المدينة بعدما ثبت 62 عاما حتى في عز الحرب الأهلية، وكان حينها يشكل قوة جذب سحرية لكل المهتمين بصناعة الكتاب من أدباء ومفكرين وشعراء وروائيين ومؤرخين وناشرين".

ويبقى السؤال البديهي: هل لا يزال اللبناني قادرا على شراء الكتاب؟

يقول الباحث زهير سعد لموقع "سكاي نيوز عربية": "الحياة تفرض أولوياتها التي لم يعد الكتاب جزءا منها، وهو بالمناسبة صار خارج متناول الطبقة الوسطى بسبب ارتفاع ثمنه، فكيف بالطبقة الفقيرة؟".