المصدر: الانباء الكويتية
الكاتب: داود رمال
الجمعة 12 كانون الاول 2025 01:47:30
يشكل تعيين السفير هنري قسطون في دمشق واستئناف التمثيل الديبلوماسي الكامل بعد أربع سنوات من الشغور، محطة مفصلية في مسار العلاقات اللبنانية - السورية، وعودة إلى تفعيل القنوات الرسمية التي تعطلت طويلا على رغم الحاجة الملحة إليها.
وتعيد الخطوة التي جاءت بعد تقديم أوراق اعتماد السفير الجديد إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، فتح الباب أمام معالجة ملفات شائكة تراكمت خلال فترة الغياب، وفي مقدمتها ملف الموقوفين السوريين، واللاجئين، وضبط الحدود، في لحظة سياسية تبدو فيها العلاقة بين البلدين أمام فرصة لإعادة تنظيمها على أسس أكثر وضوحا.
وقال مصدر سياسي رفيع لـ«الأنباء»: «انتظام التمثيل الديبلوماسي بعد سنوات من الانقطاع يعيد تصحيح مسار العلاقة التي شهدت فراغا طويلا منذ عام 2021، حين انتهت ولاية السفير السابق ودخلت العلاقات مرحلة شغور ثانية امتدت حتى مطلع 2025. وعودة التمثيل اليوم تعيد الاعتبار لخطوة عام 2008 التي دشنت أول تبادل ديبلوماسي كامل بين البلدين منذ الاستقلال، بعدما ظل التمثيل طوال عقود غير متوازن، ما يجعل التعيين الجديد بمثابة استرجاع لمسار كان يفترض تثبيته منذ سنوات».
وأشار المصدر إلى أن «السياق السياسي المحيط بهذه الخطوة لا يقل أهمية عنها، إذ يأتي التعيين بعد تعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري في أكتوبر 2024، في خطوة عكست إرادة رسمية بإعادة صياغة آليات التنسيق بين البلدين خارج الأطر التقليدية التي ارتبطت بمرحلة النفوذ السوري. والمرحلة الجديدة تمهد لفتح صفحة مختلفة قائمة على الندية والاحترام المتبادل، خصوصا بعدما أظهرت الزيارات المتبادلة، وآخرها زيارة وزير خارجية دمشق إلى بيروت، استعدادا مشتركا لتحويل العلاقة من مسار أمني مضطرب إلى شراكة سياسية واقتصادية أكثر انتظاما».
وأكد المصدر أن «الملفات العالقة بدأت تتحرك فعليا بالتوازي مع استعادة الحضور الديبلوماسي، حيث حملت الزيارة القضائية اللبنانية الرفيعة المستوى إلى دمشق، مؤشرات واضحة على إمكانية الوصول إلى اتفاق ينظم تسليم الموقوفين والمحكومين بين البلدين. وقد جرى التوافق على مسودة أولية تخضع حاليا للمراجعة، حيث أن النقاش لم يشمل المحكومين بقضايا مرتبطة بالقتال ضد الجيش اللبناني، في إشارة إلى مقاربة تقنية للملف بعيدا من التوظيف السياسي».
ورأى المصدر إن «تراكم هذه الخطوات يعكس تحولا تدريجيا في مقاربة بيروت لملف العلاقة مع دمشق، بالتزامن مع إدراك متزايد بأن إدارة الملفات المشتركة لم تعد تحتمل المزيد من الإرجاء. وأن انتظام الحضور الديبلوماسي، مرفقا بالمسار القضائي والأمني الذي بدأ يتشكل، يضع البلدين أمام فرصة لإعادة صياغة علاقة لطالما اتسمت بالتشابك والالتباس، والانتقال بها إلى مرحلة أكثر براغماتية ووضوحا».
واعتبر أن «لحظة التعيين قد تكون بداية استعادة التوازن في العلاقة الثنائية، في انتظار ان تبادر سورية إلى تعيين سفير لها في لبنان، وأن اختبار جديتها سيظهر خلال الأشهر المقبلة عبر قدرة الطرفين على تحويل هذه الخطوات إلى مسارات مؤسساتية دائمة تخرج العلاقة من إرث التوتر وتضعها على سكة تعاون واقعي يخدم مصالح البلدين وتحديات المرحلة».