بين كتاب "حزب الله" والتصعيد الإسرائيلي...هل يستدرج لبنان لمواجهة واسعة؟

ثمة ربط بين ما استجد من مواقف سياسية واجراءات ميدانية تقاطعت حول طبيعة ما يمكن أن يربو عليه مشهد المرحلة المقبلة.

فبعد كتاب «حزب الله» المفتوح والموجّه الى الرؤساء الثلاثة والذي حدّد من خلاله الحزب عناوين تعاطيه مع المشهدين السياسي والأمني على قاعدة ما عدّه ثوابت لا يمكن تغييرها وخاصة «سلاح المقاومة ومقاربتها للتطورات الميدانية» وبالتالي رفضه أي مفاوضات تعطي الاحتلال بالسياسة ما عجز عن أخذه بالحرب.

يبدو اضحا ان المرحلة بدأت تأخذ مسارا مختلفا تفاوتت تفسيراتها بين من عدّ هذا التطور منسقاً ومدروساً بين «الحزب وأركان الدولة»، ومن عدّه بمثابة كتاب لمن يهمّه الأمر لا يخلو من التحذير والتهديد المبطّن للداخل والخارج معا.

من هنا كان ردّ اسرائيل سريعا بتوسيع رقعة الاستهدافات وعودة التحذيرات الى ما سبقها إبان الحرب المفتوحة ليبدأ وكما صرّح أكثر من مسؤول إسرائيلي العد العكسي لقرب الانفجار الكبير فكانت غارات «طير دبا والطيبة وكفردونين وزوطر وعيتا الجبل وطورا والعباسية» في محافظتي الجنوب والنبطية مثالا ملخصا وانعكاسا لتلك التصريحات. ولا سيما انها أتت على وقع انعقاد مجلس الوزراء واطّلاعه على بيان قيادة الجيش حول «حصرية السلاح جنوب نهر الليطاني».

مصادر متابعة قالت: «أن الجبهة الشمالية دخلت طورا جديدا من التصعيد الإسرائيلي، على مختلف المستويات، عسكريا وسياسيا وإعلاميا. فبعد التوغل البري في بلدة بليدا، ارتفعت وتيرة الغارات الجوية بالطائرات المسيّرة والصواريخ الموجهة على طرق وأهداف في العمق الجنوبي، كما عاد تكتيك الاغتيالات​ ليتصدّر المشهد، مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف قيادات ميدانية في وحدات حزب الله​ مثل قوة الرضوان».

وتتابع المصادر قولها بموازاة ذلك، يشهد الخطاب الإعلامي والسياسي في «تل أبيب» استنفارا لافتا يعكس حجم  التهديدات ما يوحي بأن المواجهة مع «حزب الله» أصبحت محسومة وقد يكون التزامن اللافت بين هذا التصعيد والتحركات الدبلوماسية الخارجية على خط لبنان، أكثر من معبر، في وقت ما زال لبنان بالقرار 1701 كمرجعية، وسط حديث عن ترتيبات ميدانية وضمانات دولية، وهو ما تعارضه «حكومة نتنياهو» التي ترفع سقفها إلى الحد الأقصى، حتى تدخل إلى غرفة المفاوضات المحتملة من موقع المنتصر، لا من موقع الشريك في تهدئة متكافئة، بما يتيح لها تحصيل المزيد من المكاسب السياسية والعسكرية في آن واحد.

من هنا ترى بعض المصادر «التهويل بالحرب ورفع سقف الخطاب حول نزع السلاح إنما يهدف الى المزيد من الضغط على لبنان لاستدراجه نحو مفاوضات سياسية قد تخرج من إطار «لجنة الميكانيزم» الى طاولة مباشرة تجمع الأطراف المتنازعة برعاية واشنطن».

ووفق كل ذلك ما زال لبنان يراهن، ومعه «حزب الله» على الوساطة المصرية تحت سقف القرار 1701، لمنع الانفجار وإبقاء الحوار في إطار الترتيبات لا الفرض بالقوة والتهويل بشنّ حرب مدمرة.

من هنا تتقدم أسئلة عدة هذا المشهد، فهل ستذهب الأمور نحو ما بات يسمّى بالمعركة الكبرى التي يتحدث عنها بعض الإعلام الإسرائيلي، أم المسار الذي يحاول الوسطاء رسم ملامحه، سينجح في فرملة التوتر بعد دخول القاهرة على الخط بشكل مباشر ومكثف؟

تبقى الإجابة عن كل ذلك رهن أجندة «تل أبيب» من جهة وخطة «حزب الله» التي ما زالت حتى غير معلومة من جهة ثانية هذا بالإضافة الى موقف «الدولة اللبنانية» لا سيما الضغوطات الدولية التي تمارس عليها من جهة ومداهمة الملفات الداخلية لا سيما «قانون الانتخابات النيابية المقبلة» من جهة أخرى.