تحت الضغط... حزب الله يعيد ابتكار قنوات إمداده

كتبت جنين جلخ في صحيفة لوريان لو جور:

"منذ أسابيع، تتكاثر الفرضيات حول مصادر تمويل حزب الله، المتهم من إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة بمحاولة إعادة بناء قدراته المالية والعسكرية. لكنّ هذه المهمة باتت أكثر تعقيداً بفعل الحملة الأميركية ـ الإسرائيلية الرامية إلى خنق خطوط الإمداد، في وقت تتزايد الضغوط لنزع سلاح الحزب.

رغم الرقابة المشددة على الحدود اللبنانية ـ السورية والعراقية، تؤكد مصادر متقاطعة قريبة من الحزب أنّه ما زال يتلقى أموالاً، وإن بوتيرة أقل. وتكشف أن الحزب يواصل دفع رواتب مقاتليه ومعاشات أسر "الشهداء"، لكنه اضطر إلى تقليص خدماته الاجتماعية المرتبطة بالمستشفيات والعمليات الجراحية والنقل المدرسي.

شبكة أعمال في العراق
مصادر عراقية معارضة للمحور الإيراني تؤكد أن الحزب لم يعد يعتمد حصراً على إيران، بل على شبكة من رجال أعمال لبنانيين في العراق يديرون شركات ومطاعم ومؤسسات استيراد وتصدير، إضافة إلى استثمارات ضخمة في قطاع البناء والبنى التحتية. وبحسب هذه المصادر، فإنّ نقل الأموال عبر شركات واجهة أو دول وسيطة لا يزال ممكناً، رغم محاولات التضييق الأميركية.

مسؤول مالي أوضح لـ"لوريان لو جور" أنّ بعض هذه الشركات تمتلك حسابات أو شركات وهمية في لبنان بأسماء مزوّرة للالتفاف على العقوبات. كما تلجأ أحياناً إلى المحافظ الرقمية والعملات المشفرة أو الذهب لنقل الأموال عبر وسطاء. ومع أنّ هذه الأساليب باتت أكثر صعوبة بفعل التشريعات الأخيرة، فإنها لا تزال مستخدمة.

خطوط إمداد مهددة
فقد الحزب قنواته التقليدية بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وإصرار الدولة اللبنانية على بسط سيادتها. وأشار النائب محمد رعد، رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة"، إلى أنّ أي استهداف لمؤسسة "القرض الحسن" سيُعتبر "مواجهة مع الشعب نفسه"، في إشارة إلى دورها المحوري في التمويل.

رغم الرقابة السورية والإسرائيلية، تبقى بعض المعابر بين العراق وسوريا ولبنان مفتوحة جزئياً. وقد ضبطت في 2025 عدة شاحنات محمّلة بالأسلحة في سوريا. مصدر مطلع أوضح أن الحزب يعتمد أحياناً على "شاحنات صغيرة محمّلة ببضائع عادية لتشتيت الانتباه"، قبل أن يمرّر شحنات أخرى. لكنه أقرّ بأن هذه الوسيلة باتت أقل فعالية اليوم.

ملايين الدولارات قيد المراقبة
خلال زيارة نائب أميركي لبيروت الشهر الماضي، أبلغ نواباً لبنانيين أنّ واشنطن تملك معلومات مؤكدة عن وصول ملايين الدولارات إلى الحزب، وأنها عازمة على كشف طرق إدخالها.

صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية ذكرت أنّ مسؤولاً إيرانياً طلب من نظيره العراقي تسهيل عبور أموال عبر معبر القائم، لكن الأخير رفض معتبراً أن العملية "تشكل خطراً على مؤسسات الدولة".

رد الحزب وأنصاره
إعلاميون مقرّبون من الحزب اعتبروا أن هذه التقارير ذات طابع سياسي أكثر من كونها معلومات موثوقة، مؤكدين أن حزب الله يملك شبكة دعم محلية وإقليمية راسخة، إضافة إلى تحالفه الاستراتيجي مع إيران الذي لم تنجح العقوبات في تفكيكه.

وتعيد هذه المواقف صدى ما قاله الأمين العام للحزب نعيم قاسم بعد سقوط نظام الأسد في سوريا نهاية 2024، حين أقرّ بأن الحزب "فقد طريق الإمداد عبر سوريا"، لكنه شدد في المقابل على أنّه "قادر على إيجاد بدائل جديدة".