تحقيقات لبنان في جرائم الاغتيال السياسي "حافلة بالعيوب"

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن تحقيقات السلطات اللبنانية في أربع جرائم قتل ذات حساسية سياسية، حافلة بالعيوب ومخالفة للإجراءات، ما يسلط الضوء على مدى فشل التمويل السخي والتدريب من المانحين لقوى الأمن والقضاء في لبنان في ضمان سيادة القانون.

وقالت المنظمة العالمية في بيان نقلته وكالة "رويترز"، أن النتائج التي توصلت إليها جاءت بعد مراجعة التحقيقات الأولية التي أجرتها قوى الأمن الداخلي تحت إشراف النيابة العامة في أربع جرائم قتل خلال العامين الماضيين. وأضافت أن ما دفعها للتحقيق في هذه الجرائم مزاعم بأنها ارتكبت على أيدي مجموعات لها صِلات سياسية أو ذات نفوذ سياسي.

والضحايا هم لقمان سليم الذي كان ينتقد جماعة "حزب الله" المدعومة من إيران لفترة طويلة، وجو بجاني، وهو موظف اتصالات ومصور عسكري هاوٍ، والعقيد منير بو رجيلي، وهو ضابط جمارك متقاعد، وأنطوان داغر، رئيس قسم الأخلاقيات وإدارة مخاطر الاحتيال في بنك "بيبلوس" والرئيس السابق لوحدة الامتثال في البنك ذاته.

وقالت آية مجذوب باحثة لبنان في "هيومن رايتس ووتش": "جرائم القتل التي لم تُحلّ والتحقيقات المعيبة فيها تُذكّر بالضعف الخطير لسيادة القانون في لبنان في مواجهة النخب والجماعات المسلحة غير الخاضعة للمساءلة" وأضافت أن "قوى الأمن والقضاء، التي تحظى في أحيان كثيرة بتمويل سخي وتدريب من الدول المانحة، لديها القدرات التقنية للتحقيق في جرائم القتل، لكنها تقاعست عن تحديد أي مشتبه بهم في هذه القضايا الحساسة أو اتباع خيوط تحقيق واضحة".

من جهته، أفاد مصدر بقوى الأمن الداخلي لـ"رويترز" بأن الجهاز الأمني يدرس التقرير لكنه لم يتمكن على الفور من التعليق، علماً أن "هيومن رايتس ووتش" أجرت مقابلات مع أقارب القتلى ومحامين وصحافيين وخبراء في القانون الجنائي ومصادر مقربة من العائلات في لبنان في إطار تحقيقها في القضايا الأربع. وأشارت المنظمة إلى وجود "أوجه قصور متعددة وإهمال جسيم ومخالفات في الإجراءات" بعد مراجعة التحقيقات الأولية.

وقُتل سليم في الرابع من شباط/فبراير شباط 2021 وسقط بجاني قتيلاً بالرصاص في 21 كانون الأول/ديسمبر 2020، وعُثر على بو رجيلي ميتاً في الثاني من كانون الأول/ديسمبر 2020، وتعرض داغر للطعن حتى الموت في الرابع من حزيران/يونيو 2020.

ودعت "هيومن رايتس ووتش" السلطات إلى ضمان أن تكون تحقيقاتها في جرائم القتل سريعة وشاملة وحيادية. وأضافت أن المحامين وأفراد الأسر والمصادر المقربة من عائلات الضحايا وصفوا تعامل الشرطة مع القضايا "بعدم الجدية".

وفي أحد الأمثلة على ما وصفته بتحقيقات معيبة، قالت المنظمة أن مقاطع الفيديو والصور التي حللتها في قضيتي سليم وبجاني أظهرت تقاعساً في تأمين مسرح الجريمة.

وقالت مجذوب: "حوّل المجتمع الدولي ملايين الدولارات إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية على مر السنين، لكن من الواضح أن هذا لم يلغِ ثقافة الإفلات من العقاب السائدة". وتابعت: "على المانحين مراجعة المساعدات التي يقدمونها لضمان أنهم لا يمولون وحدات ضالعة في التستر على جرائم القتل الحساسة وغيرها من الانتهاكات الحقوقية".