المصدر: المدن
السبت 8 تشرين الثاني 2025 17:51:27
نشرت مجلّة "فورين بوليسي" الأميركيّة تقريرًا جديدًا تناولت فيه "حزبَ الله" في لبنان، ووضعَ التصعيد مع إسرائيل، مؤكِّدةً أنّ الحزب يسعى بعد تعرُّضِه لضربةٍ إسرائيليّةٍ إلى "تجديدِ قدراتهِ المتضرِّرة بشدّة"، كما جاء في التقرير.
وأوضح التقرير أنّّ "مورغان أورتاغوس، المبعوثةَ الأميركيّةَ الخاصّةَ إلى الشرق الأوسط، زارت بيروت خلال الشهر الماضي للضغط على الرئيس اللبناني جوزاف عون لنزع سلاح حزب الله المدعوم من إيران، إلّا أنّها اكتشفت أنّ القول أسهلُ من الفعل".
وبحسب التقرير، "لا تزالُ إيران الراعي الرئيسيّ لحزب الله، وهو ما تؤكِّدهُ عقوباتُ وزارةِ الخزانة الأميركيّة على عملاء ينقلون الأموال الإيرانيّة إلى الحزب"، لافتًا إلى أنّ "حزب الله يمتلك بالإضافة إلى التمويل الإيرانيّ المباشر شبكاتٍ عالميّةً واسعةً ومستقلّةً للمشتريات والتمويل، وإذا كان الماضي سابقةً، فسيعتمدُ الحزبُ على تلك الشبكات الدوليّة للتعافي من انتكاساته الأخيرة، ولنجاح تحرير لبنان من قبضة الحزب الحديديّة، ينبغي للولايات المتحدة والمجتمع الدولي دعمُ جهود الحكومة اللبنانيّة داخليًا، ومنعُ حزب الله من العمل بحريّةٍ في الخارج".
وأضاف التقرير أنّ "احتياجاتِ حزب الله ازدادت بشكلٍ كبيرٍ عقب الحرب التي اختار شنَّها على إسرائيل عام 2023، إذ يعملُ جاهدًا على إعادة بناء قدراته العسكريّة التي دمّرتها إسرائيل بشكلٍ واسعٍ أثناء استهداف عناصره وبُناه التحتيّة، كما أنّ تكاليفَ إعادةِ الإعمارِ المدنيّة تُقدَّرُ بمليارات الدولارات، ويتطلّع أنصارُه في جنوب لبنان الشيعيّ إلى استمرار دعمه في الإعمار والخدمات الاجتماعيّة".
وأشار إلى أنّ "الحزب واجه صعوبةً في تلبية احتياجاته الماليّة المتزايدة، فلم يتمكّن من تغطية منح إعادة الإعمار الموعودة ورواتب عائلات القتلى والجرحى، وفي إحدى الحالات، أصدر شيكاتِ تعويضاتٍ مؤجّلةٍ لإعادة بناء المنازل، مع تعليق الدفعات قبل أن يحصل معظمُ الناس على أيّ أموال".
وتابع التقرير أنّ "إيران لا تزال ملتزمةً بتقديم دعمٍ واسعِ النطاقِ للحزب، غير أنّ هذا بات أكثرَ صعوبةً، إذ اتخذت الحكومةُ اللبنانيّة خطواتٍ غيرَ مسبوقة، منها منعُ الطائرات الإيرانيّة من الهبوط في بيروت، وتفتيشُ الناقلين الإيرانيّين عند وصولهم، ومنعُ المصارف وشركات الوساطة اللبنانيّة من التعامل مع مؤسّساتٍ ماليّةٍ مرتبطةٍ بالحزب، وفي الجوار، يُشدِّدُ النظامُ السوريّ الجديد قبضتَه على الأسلحة والأموال الإيرانيّة المتّجهة إلى لبنان عبر أراضيه".
ولفت إلى أنّه "عندما عانى الحزبُ سابقًا من نقصٍ في التمويل، اعتمد على شبكاتِه العالميّة في آسيا وأفريقيا وأوروبا والأميركيتين لتكميل التمويل الإيرانيّ، وقد بدأ هذا التوجّه بشكلٍ جديّ بعد حرب 2006، وتوسّعت الشبكاتُ عام 2009 مع تعرّض إيران لضغوطٍ ماليّة، كما لجأ الحزبُ إليها مجدّدًا مع اتّساع انخراطه في الحرب الأهليّة السوريّة".
وأضاف التقرير أنّه "يبدو أنّ الحزب توجّه راهنًا إلى أفريقيا وأميركا الجنوبيّة لجمع الأموال، وله حضورٌ بارزٌ فيهما منذ زمنٍ طويل، ففي تشرين الأوّل 2024 أصدرت شبكةُ إنفاذ الجرائم الماليّة التابعة لوزارة الخزانة الأميركيّة تنبيهًا حذّرت فيه المؤسّساتِ الماليّةَ من نشاط الحزب في غرب أفريقيا، حيث يمتلك شبكةَ ممّولين تجمعُ الأموال وتغسلها نيابةً عنه، وفي أيّار، أصدرت وزارةُ الخارجيّة الأميركيّة إشعارًا ضمن برنامج مكافآت من أجل العدالة طلبَ معلوماتٍ عن الآليّات الماليّة للحزب في منطقة الحدود الثلاثيّة بين الأرجنتين والبرازيل وباراغواي، مبيِّنةً أنّ ممولي الحزب وميسّريه ينشطون هناك وفي أجزاءٍ أخرى من أميركا الجنوبيّة، ويحقّقون عائداتٍ من الاتّجار بالمخدّرات وغسل الأموال والتزوير والتهريب".
وتحدّث التقرير أيضًا عن "سعي الحزب إلى استخدام شبكاتِ مشترياته وشركاتِهِ الوهميّة حول العالم للحصول على تقنياتٍ عسكريّةٍ وتقنياتٍ ذات استخدامٍ مزدوج، ففي عام 2024 عطّلت بريطانيا وألمانيا وإسبانيا عمليّةً كبرى لشراء مكوّناتٍ لطائراتٍ مسيّرةٍ انتحاريّةٍ قادرةٍ على حمل متفجّرات، كما سعى الحزبُ إلى الحصول على مكوّناتٍ وموادّ من دولٍ عدّة، ووفقًا لوزارة العدل الأميركيّة، حصل على موادّ كيميائيّة أوليّةٍ مناسبةٍ لصنع القنابل من شركةِ أجهزةٍ طبيّةٍ في غوانزو، الصين، ضمن تخطيطه لهجماتٍ في قبرص وتايلاند وأماكنَ أخرى".
ويرى التقرير أنّه "لمنع الحزب من إعادة بناء نفسه، ينبغي على الدول ضمانُ عدمِ استغلال أراضيها، وأن تُصنّفه كمنظّمةٍ إرهابيّةٍ أو تحظره إن لم تكن فعلت، ثمّ استخدامُ أدواتِ الإنفاذ المنبثقة عن ذلك لقمع أنشطته".
وأردف: "غالبًا ما تُتيح هذه التصنيفاتُ صلاحيّاتٍ إضافيّةً لوكالات إنفاذ القانون، ففي ألمانيا، داهمت السلطاتُ عدّة منظّماتٍ مرتبطةٍ بالحزب بعد حظر الجماعة بالكامل عام 2020، وفي البرازيل، كانت السلطاتُ على علمٍ بداعمٍ ماليٍّ للحزب قبل اكتشاف تورّطه في مخطّطٍ هجوميٍّ، غير أنّ الأدلّة الماليّة الأولى لم تُعطَ أولويةً لأنّ البرازيل لم تُصنِّف الحزب جماعةً إرهابيّة، وقد خلُصت دراسةٌ لمؤسّسة راند في آذار إلى أنّ خمسَ دولٍ في أميركا اللاتينيّة صنّفت الحزب منظّمةً إرهابيّة شهدت تراجعًا في أنشطته، بينما استمرّت في دولٍ لم تُصنِّفه بعد".
وختم التقرير أنّه "بفضل نجاحات إسرائيل، لم يكن حزبُ الله أضعفَ ممّا هو عليه الآن، وقد اتّخذ الرئيسُ اللبنانيّ جوزاف عون والمصرفُ المركزيّ والجيشُ اللبنانيّ بعضَ الخطوات لنزع سلاحه، إلّا أنّ المهمّة ما تزال جسيمةً، ويحتاج عون وحلفاؤه إلى كلّ دعمٍ ممكنٍ من المجتمع الدوليّ، وإذا اعترفت مزيدٌ من الدول بالحزب كمنظّمةٍ إرهابيّةٍ لا كحزبٍ سياسيٍّ شرعيّ، فستُطلِق تلك الخطوةُ تدابيرَ مضادّةً لوقف تدفّق الأموال، وتبعث الأملَ لدى اللبنانيّين بإمكان إنقاذ بلادهم من دوّامةِ العنف السياسيّ الدائمة"، محذِّرًا من أنّ "عدم اغتنام الفرصة قد يقود إلى فشلِ الدولة في لبنان، وتجددِ الحرب مع إسرائيل، ودورةٍ أخرى من الصراع في الشرق الأوسط".