المصدر: المدن
الكاتب: سامي خليفة
السبت 2 آب 2025 01:08:08
لأول مرة في العالم، تُعاد إحياء قلوب المتبرعين التي كانت ساكنة بعد الموت، من دون أي جدل أخلاقي أو تكلفة، وذلك بفضل إنجازٍ علميٍّ هائل حققه علماء جامعة "فاندربيلت" الأميركية.
وتمكن علماء الجامعة من تطوير طريقةٍ جديدة ورائدة لإنعاش القلوب من متبرعين متوفين بعد الوفاة الدورية. وتتضمن هذه الطريقة ما يُسمى علمياً "التعافي السريع للقلب والحفاظ عليه لأمد طويل في بيئة فائقة الأكسجة (أوكسيجين)"، إضافة إلى غسل قلب المتبرع بمحلول حافظ بارد و"مؤكسج" بعد الوفاة. وتتجنب هذه الطريقة عيوب الطريقتين المعتمدتين حالياً لتنشيط القلب، إحداهما تنطوي على تساؤلاتٍ أخلاقية والأخرى باهظة الثمن.
طريقة بسيطة وأقل تكلفة
تتضمن الطرق التقليدية للحفاظ على القلوب قبل زراعتها إما إعادة إنعاشها داخل جسم المتبرع، وهي عملية محظورة في العديد من المناطق بسبب مخاوف أخلاقية، أو طريقةٍ أخرى تعتمد على أنظمة تروية آلية باهظة الثمن تحاكي وظيفة القلب خارج الجسم.
تُعرف الطريقة الأولى باسم "التروية الإقليمية ذات الحرارة الطبيعية"، وتتضمن إعادة تنشيط القلب في جسم المتبرع المتوفى، وهو أمرٌ يثير بعض المخاوف الأخلاقية ومحظور في كثيرٍ من البلدان. أما الطريقة الثانية فتستخدم أنظمة تروية، وهي مكلفة وشاقة، وتوفر إنعاشاً غير كامل وأقل فسيولوجية للقلب.
وتحقق الطريقة الجديدة التي طورها علماء الجامعة الأميركية نتائج مماثلة للطريقتين الحاليتين، ولكنها أبسط وأقل تكلفة بكثير، كما أنها تتمتع بإمكانيات كبيرة لزيادة عدد قلوب المتبرعين المتاحة، من خلال جعل تقنية حفظ الأعضاء متاحة على نطاق أوسع عالمياً، وتوسيع نطاق استخدام القلوب بعد الوفاة، ما يعني أنها ستحدث نقلة نوعية في زراعة القلوب.
نجاح التجربة
هذا ونجح علماء الجامعة الأميركية في تطبيق هذه الطريقة على قلوب المتبرعين بدءاً من تشرين الثاني 2024. وتتكون التقنية من استخدام دائرة تفريغ أوكسجين بمقدار لترين من محلول الحفظ البارد، الذي يحتوي على خلايا حمراء مكدسة ودواء "ديل نيدو" لشلل القلب ومواد مضافة أخرى، تمرر عبر قلب المتبرع بعد الوفاة بفترةٍ وجيزة. واستخدمت الجامعة هذه الطريقة حتى الآن في 20 عملية زرع، بنتائج ممتازة، تشبه، إن لم تكن أفضل، من التقنيات الحالية.
ونجحت الطريقة الجديدة في الحفاظ على قلوب المتبرعين لمدة تتجاوز الأربع ساعات، لتصل إلى ثماني ساعات، وهذا ما يتيح للجراحين فرصةً أوسع لاستعادة أعضاء المتبرع ونقلها وزراعتها. والجدير ذكره أنه في الماضي، كانت الأطر الزمنية الضيقة وحالات القلب الهشة تجعل استخدام العديد من أعضاء المتوفين أمراً بالغ الخطورة.
وفوق هذا وذاك، توقف الطريقة الجديدة التحلل الخلوي، وتقلّل الالتهاب، وتحافظ على أنسجة القلب أثناء النقل من دون إعادة إنعاش العضو، وتالياً هي تحدث نقلة نوعية، لا سيما في المناطق ذات الموارد المحدودة أو حيث توجد بروتوكولات زراعة الأعضاء الأكثر صرامة.
ولا بد لنا من الإشارة أنه قبل عام 2020، كان برنامج زراعة القلب في جامعة "فاندربيلت" يقبل الأعضاء من متبرعين متوفين دماغياً وحسب. ولكن في السنوات الأخيرة، طورت الجامعة تقنياتٍ رائدة في زراعة القلب من متبرعين متوفين، وتُعدّ "التعافي السريع للقلب والحفاظ عليه لأمد طويل في بيئة فائقة الأكسجة (أوكسيجين)، أحدث وأكثر القفزات الواعدة في هذا التطور. ويجزم علماء الجامعة أنها ستتكيف مع زراعة أعضاء الجسم الأخرى، بما في ذلك الكبد والكلى والرئتين، وحتى زراعة الأعضاء للأطفال.