تنسيق فرنسي سعودي فاتيكاني لإنجاز الاستحقاقات وتجنّب الحرب

كان المشهد «الرذيل والهزيل» الذي قدّمه مجلس النواب اللبناني على مرأى سفراء الدول الكبرى، أكبر دافع للبحث الدولي عن حلّ جذري للأزمة اللبنانية، ولم تعُد الدوافع الدولية تقتصر على حلول تقنية ترتبط بإصلاحات وبالبحث في ملفات وشروط يفرضها صندوق النقد الدولي، بل الحاجة تتركز على إيجاد حل للأزمة السياسية القائمة والمستفحلة.

وبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية عربية، فإن الملف اللبناني سيكون حاضراً على طاولة المباحثات السعودية- الفرنسية أثناء زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لباريس، وخلال لقائه الرئيس إيمانويل ماكرون.

وأضافت المصادر أن الموقف السعودي لا يزال ثابتاً ولن يتغير، وما نجح بن سلمان في فرضه على ماكرون خلال زيارته للسعودية قبل أشهر حول لبنان وضرورة تبني القرارات الدولية وتطبيقها والالتزام باتفاق الطائف وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، سيُكرَّس أكثر في قمة الإيليزيه، لا سيما أن بن سلمان يزور باريس معززاً بما حققه في قمة جدّة وما بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وسيكون الموقف السعودي واضحاً، وكذلك الفرنسي.

وأوضحت أن هذه المواقف لا تنفصل عن الاهتمام الفاتيكاني المتزايد بالملف اللبناني، خصوصاً بعد مشكلة المطران موسى الحاج، مما يستدعي تدخلاً فاتيكانياً ذا بعد سياسي في المرحلة المقبلة، ومن خلال الضغط على القوى الدولية لعقد مؤتمر خاص بلبنان وإبعاده عن سياسة المحور، مؤكدة التطابق في النظرة بين الفاتيكان والسعودية، خصوصاً في تعزيز منطق الدولة في لبنان ضد الخروج عليها، كما يفعل «حزب الله».


وأشارت إلى أن المرحلة المقبلة، ستحمل تنسيقاً مشتركاً فرنسياً فاتيكانياً وسعودياً، من الآن حتى الوصول إلى الاستحقاقات المقبلة، وأهمها انتخاب الرئيس، الذي يُفترض أن يكون نتيجة لتوافقات إقليمية ودولية، وهذا الأمر يمكن أن يحصل عبر تسوية إقليمية مع إيران تنعكس إيجاباً على الوضع اللبناني، خصوصاً في ظل المعلومات المتوافرة عن اقتراب عقد لقاء بين وزيري خارجية إيران والسعودية في بغداد، وهذا في حال حصوله سيرخي بعض أجواء الارتياح في لبنان، ومن خلاله يمكن الانتقال للبحث عن تسوية رئاسية وانتخاب رئيس مقبول من مختلف القوى الخارجية والداخلية ويحظى بثقة الجميع.

وبينما كشفت المصادر أن هناك شخصيتين لتولي الرئاسة يتركز البحث حول إمكانية التوافق حولهما؛ الأولى هو قائد الجيش جوزيف عون، رفضت الكشف عن الأخرى معتبرة أنها ذات صفة مدنية وتحظى بثقة دولية.

ولن يكون من السهل الوصول إلى أي تسوية أو اتفاق، فهناك الكثير من عناصر العرقلة والاعتراض، ويبقى الملف الأهم هو ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، وفي وقت تتزايد فيه التقديرات الإيجابية مع الزيارة المرتقبة التي سيجريها المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي أول الأسبوع المقبل، فإن المخاوف لا تزال قائمة من عدم الوصول لاتفاق والذهاب إلى تصعيد أو توتر الأوضاع، وبالتالي الوصول إلى حافة الحرب.

وفي حال حصول هذا السيناريو يعني أن لبنان سيكون متجهاً إلى المزيد من الانهيار والدخول في مرحلة تدمير، بانتظار الوصول إلى تسوية تعيد إحياء الاهتمام الدولي بالملف اللبناني، ويتم ترتيب مؤتمر برعاية دولية على قاعدة التنسيق الفرنسي- السعودي- الفاتيكاني.