عودة الديبلوماسية الخليجية فتحت الباب أمام "تسوية" مرتبطة انطلاقتها بفوز ماكرون

مع التنافس في إعلان اللوائح الانتخابية، ارتفعت حرارة الاستعداد «لماراتون» السباق الى مجلس النواب في 15 مايو، بإطلاق المواقف النارية والاتهامية مع تقديم الاغراءات المالية، عبر مهرجانات واحتفالات شملت معظم المناطق والساحات.

على أن هدير خطب رؤساء اللوائح واعضائها لم تحجب الاهتمام البالغ الذي استقطبته الديبلوماسية الخليجية العائدة الى بيروت بعد طول غياب، لتعيد معها التوازن السياسي والديبلوماسي الذي افتقده لبنان منذ غيابها عن ساحته.

إذ عمليا، كانت الحركة الديبلوماسية في بيروت قصرا على فرنسا والفاتيكان، ومن ثم ايران، قبل عودة سفراء السعودية والكويت والمتوقع ان يلحق بهم السفير القطري الجديد ابراهيم السهلاوي لتسلم مهامه خلفا للسفير المنتهية ولايته محمد حسن الجابر اليوم. وحتى على الصعيد الداخلي اللبناني، تكفي الإشارة الى اللقاءات الثنائية بين سفيرة فرنسا آن غريو والسفير الإيراني محمد جلال فيروزنيا لإعطاء فكرة عن طبيعة المحور الذي يرعى حركة المنظومة المتحكمة بلبنان. وفي معطيات المصادر ان الإفطار الرمضاني الذي جمع فيه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، كلا من رئيس المردة سليمان فرنجية مع رئيس التيار الحر جبران باسيل، في اطار هذا المناخ التفاهمي الفرنسي ـ الإيراني، والذي يغدو مستغربا، اذا ما لاحظنا ان مثل هذه المحاولة الجمعية، سعى اليها البطريرك الماروني بشارة الراعي، فلم يفلح، واذا بهما يجتمعان تحت عباءة نصر الله.

ويبدو ان المداولات، تخطت في هذا اللقاء الرمضاني، شأن الانتخابات النيابية، التي تصبح من تحصيل الحاصل، حال الاتفاق على الاستحقاق الأكبر، الا وهو الانتخابات الرئاسية المفترضة بين سبتمبر وأكتوبر، وتشير مصادر «الأنباء» الى ان موضوع الرئاسة طرح ولأول مرة على النحو الصريح في هذا اللقاء، اما في موضوع الانتخابات، فقد بات مسلما به ان يدعم فرنجية باسيل في دائرة البترون وما حولها، مقابل ان يدعم باسيل، بما لديه من أصوات انتخابية معدودة مرشح التيار في منطقة بشري. ويبدو ان بعض القوى الدولية والإقليمية لحظت وجوب أن يأتي رئيس جديد للجمهورية، وسطي الهوى والانتماء، كي يستطيع رعاية عودة لبنان الى حياته الطبيعية، وبالتالي متابعة تنفيذ الاتفاقات مع صندوق النقد الدولي، والإصلاحات البنيوية والهيكلية على مختلف المستويات، وفي طليعتها القطاعات المالية، ولكن لقاء نصر الله فرنجية وباسيل، حمل جوابا واضحا من حزب الله الناطق بلسان محور الممانعة، وهو ان الرئاسة بين واحد من اثنين كلاهما من محازبيه، وبين الاثنين تكون الأفضلية لسليمان فرنجية بحكم العامل السوري المؤثر في الموضوع.

وثمة عنصر مهم، في المقايضة الفرنجاوية الباسيلية، تتمثل بتعهد باسيل بانتخاب نبيه بري لرئاسة مجلس النواب المقبل، مقابل دعم بري وحركة أمل لخمسة مرشحين من التيار الحر، لخمسة مقاعد مسيحية في (دوائر جزين، بيروت الثانية، بعلبك ـ الهرمل، زحلة وبعبدا بـ2000 صوت تفضيلي..).

وسجل حزب الله أول خرق لافت لصالح مرشحي التيار في عكار، باستقبال الأمين العام لوفد من عشائر العرب في وادي خالد العكارية!

لكن صفا الأيام لن تدوم للممانعين وحدهم، بعد العودة الخليجية، المدعومة عربيا، ومن جانب القوى العاملة على التسوية الإقليمية ومن ضمنها لبنان. وهذه التسوية مرتبط انطلاقها الى حد ما بفوز ايمانويل ماكرون بالرئاسة الفرنسية لولاية ثانية، ومن شروطها، تنفيذ العقود مع صندوق النقد الدولي وإحياء مقررات مؤتمر«سيدر» لمساعدة لبنان، وفك العزلة عن هذا البلد، وإعادة إنهاض الدولة، من خلال إعادة حزب الله الى خلف الستار، على الأقل، وإنجاز التسوية البحرية بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، التي يصر عليها الأميركيون ضمن بنود التسوية المطروحة، بينما يفضل الايرانيون تحييدها عنها. ويقول السفير الكويتي في بيروت، وعميد السلك الديبلوماسي العربي في لبنان عبد العال القناعي لقناة «ال بي سي»: اعتقد ان هناك إمكانية ليعود لبنان الى عروبته والى حقيقته. ما نريده من لبنان ان يعود لبنانيا في عروبته وسياساته وفي حرصه على أطيب العلاقات مع اشقائه العرب.