المصدر: الشرق الأوسط
الكاتب: كارولين عاكوم
الأحد 9 تشرين الثاني 2025 07:15:52
لا يزال «حزب الله» يرفع سقف مواقفه مهدّداً بـ«المقاومة»، ومعتبراً أن «محاولة الردع عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية وحدها غير كافية»، في وقت تعكس الوقائع على الأرض تبدّل وضعه العسكري، وأن أي مغامرة جديدة ستنقلب تداعياتها عليه وعلى بيئته.
وبعدما أصدر الحزب «كتابه المفتوح» إلى الرؤساء الثلاثة قبل أيام، متحدثاً عن حقه «في مقاومة الاحتلال والعدوان... وأن الدفاع المشروع لا يندرج تحت عنوان قرار السلم أو قرار الحرب، بل نمارس حقنا في الدفاع ضد عدو يفرض الحرب على بلدنا... »، قال عضو كتلة «حزب الله» النائب حسين جشي: «القول إن قوة لبنان تكمن في ضعفه لم يعد مقبولاً، ومحاولة الردع عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية وحدها غير كافية»، مضيفاً «الاعتداءات الإسرائيلية مستمرة منذ عام 1948، وكل القرارات الدولية لم تمنع ارتكاب المجازر؛ ما يثبت فشل الوسائل الدبلوماسية والسياسية وحدها»، مؤكداً أن «القوة العسكرية ضرورية لردع العدو».
«العدو فشل في تحقيق أهدافه»
ورغم الخسائر التي تكبّدها «حزب الله» ولبنان نتيجة الحرب الأخيرة، اعتبر عضو كتلة «الحزب» النائب حسن عز الدين، أن «العدو فشل خلال الحرب في تحقيق أهدافه بسحق المقاومة ونزع سلاحها وإقامة منطقة عازلة جنوبي نهر الليطاني، وبتحقيق أطماعه التي تتخطى هذه المنطقة إلى مجرى نهر الأولي والسيطرة على لبنان بأكمله»، متحدثاً بدوره عن «المقاومة»، قائلاً: «لا نحتاج اليوم إلى إذن أو إجازة من أحد لندافع عن أرضنا وكرامتنا ووطننا، ولذلك نحتفظ بحقنا في (المقاومة)، وخاصة أن العدو يصعّد في عدوانه ويسعى لتحقيق ما عجز عنه خلال الحرب في الميدان، وهو متفلّت من أية ضوابط وقيود».
كل هذه المواقف والتلويح بالعودة إلى «المقاومة» التي يطلقها المسؤولون في الحزب، يضعها مراقبون ومعارضون له في خانة «الرسائل إلى بيئته» التي لا يزال يعجز عن مواجهتها بالحقيقة، بعد كل التغيرات والخسائر التي مُني بها، إن على صعيد بنيته العسكرية أو في صفوف قياداته التي عمدت إسرائيل إلى اغتيالهم، علماً أنه لم يُسجل منذ اتفاق وقف إطلاق النار أي رد من الحزب على الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، والتي يسقط نتيجتها بشكل يومي قتلى وجرحى.
وإضافة إلى استهداف إسرائيل البنية العسكرية للحزب، فإن الجيش اللبناني ينفذ قرار الحكومة حول «حصرية السلاح» عبر قيامه بالسيطرة على ما يستطيع من أنفاقه ومخازنه، وتفكيك منصات صواريخه، في موازاة الحصار الذي يمنعه من الحصول على الأسلحة.
ريفي: كلام يكلّف بيئته ثمنه
يصف الوزير السابق، النائب أشرف ريفي، كلام المسؤولين في الحزب بـ«غير الواقعي وغير الموضوعي». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك جسم عسكري مرتبط بإيران فقد قياداته التاريخية وكادراته من أعلى الهرم إلى الوسط، وجزءاً كبيراً من طاقته البشرية، كما فقد إمكانية التواصل بين مجموعاته بحيث لم يعد قادراً على التواصل في ما بينه أو استعمال أي وسيلة اتصال، وبالتالي كل هذا التهويل هو كلام غير موضوعي قد يكون الهدف منه إعطاء معنويات إلى بيئته، لكن المشكلة تكمن في أن ذلك قد يكلّف هذه العائلات أثماناً كبيرة»، سائلاً: «كيف تقول استعدتَ قوتك وأصبحت أقوى من قبل وكأنك تدعو العدو لضربك مجدداً؟».
من هنا، يرى ريفي أن «الحزب» الذي «لم يعد يملك القدرات العسكرية للمواجهة بات اليوم في مأزق مع افتقاده قيادته التاريخية، وعدم قدرة القيادة الحالية على مصارحة الجمهور بحقيقة الوضع. يحاولون رفع معنوياتهم، لكنهم في الوقت نفسه يورطون هذه البيئة».
ويقول: «القائد الذي يكابر ولا يكون واقعياً يكبّد أهله خسائر إضافية، وبالتالي على القائد المواجهة والاعتراف بالواقع، لكن من الواضح أن القيادة الحالية لا تملك هذه القدرة».
لا حرب شاملة... بل ضربات قاسية
في ظل الهجمات المكثفة المستمرة على لبنان، وتحديداً على الجنوب والبقاع، لا يعتبر ريفي أن البلاد ستكون أمام حرب شاملة، ويقول: «أرى أننا في مرحلة المخاض الأخير، أي سيلجأ الإسرائيلي إلى الضربات القاسية الموسعة والمدمرة، ولكن ليست حرباً، وذلك انطلاقاً من الواقع بانتهاء دور طهران في المنطقة، والقرار بإنهاء كل الوجود العسكري الإيراني في العراق وسوريا ولبنان».