"ثورة" القاضي عبود: البيطار عائد.. وخليل يتأهب

لم يكتف رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي سهيل عبود، بانتفاضته على وزير العدل وعدم الخضوع له، بل قرر في خطوة قضائية مفاجئة إعادة إنعاش ملف المرفأ بعد أشهر طويلة من موته السريريّ، وذلك عبر إعادة القاضي طارق البيطار إلى متابعة ملف تحقيقات المرفأ في غضون 20 يوماً.

قرار عبود
في التفاصيل، اجتمع وفد من أهالي الموقوفين يوم الخميس 13 تشرين الأول، بالقاضي سهيل عبود. وعلقت مصادر الأهالي مشيرةً لـ"المدن" أن هذا اللقاء حدد منذ أسبوع، إلا أن عبود قام بتأجيله مرتين، لأسباب غير واضحة. ولم يكن اللقاء إيجابياً أبداً، إذ دار النقاش بطريقة حادّة وبغضبٍ واضح بين الطرفين، فقد أعلمهم عبود أنه لن يعيّن محققاً عدلياً آخر، ولن يرضخ للتدخلات السياسية، وأن قراره الأخير بمقاطعة جلسة مجلس القضاء الأعلى هي تأكيد على رفضه تدخل وزير العدل في ملف المرفأ، وبالتالي لن يقبل بتعيين أي محقق عدلي رديف ينتمي لأي حزب سياسي واضح، والقاضي البيطار عائد لمتابعة عمله، وسيتابع ملف تحقيقات المرفأ وإخلاءات السبيل.

وقد انضمت المحامية ساسيل روكز، وكيلة بعض أهالي الضحايا، إلى اجتماع أهالي الموقوفين مع القاضي عبود. غير أن اللقاء لم يتعد 30 دقيقة، وكان مليئاً بأجواء متوترة تخللها التلاسن والسجال بين أهالي الموقوفين وروكز حول قضية تعيين المحقق العدلي الرديف.

دعاوى جديدة؟
وحسب بعض أهالي الموقوفين، قرروا عدم لقاء القاضي سهيل عبود مرة أخرى، وذلك بسبب شعورهم بالإهانة في المرة الأخيرة. وسيحاولون التواصل مع جهات سياسية ورسمية أخرى للضغط عليه، إذ تقدموا بطلبٍ للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي. وعلموا بعدها أنّ الأخير لا يريد التدخل في هذا الملف. كما أعلنوا عن توجه عدد منهم لرفع دعاوى جزائية بحق القاضي سهيل عبود في الأيام المقبلة!

مخرج قانوني؟
في هذا السياق، بتّت غرف محكمة التمييز بتنحّي القاضي ناجي عيد، المكفوفة يده عن النظر في قضية القاضي البيطار، بسبب وجود طلب ردّ بحقه. وكلّف القاضي عبود القاضي جان مارك عويسي عوضاً عن عيد، وذلك لمتابعة النظر في طلبات الرد المقدمة ضد المحقق العدلي.

وحسب مصادر "المدن" القانونية، فإن خطوة عبود تعتبر "مخرجاً قانونياً"، تُظهر رغبته في إعادة الحياة القانونية إلى هذا الملف بعد أشهر من موته السريري. وتؤكد المصادر أن عبود أعلم الأهالي في لقائه الأخير بهم، أنه يريد إنهاء دعاوى الرد المقدمة ضد القاضي البيطار، وعددها إثنين، ليتمكن من إعادة استلام ملفه قانونياً خلال فترة لن تتعدى 20 يوماً.

كما حدد القاضي سهيل عبود جلسةً لاجتماع مجلس القضاء الأعلى، يوم الثلاثاء 18 تشرين الأول، لمتابعة قضية المرفأ، فيما لم يعلن كل من أهالي الضحايا أو الموقوفين عن أي تحرك أمام قصر العدل يوم الثلاثاء، وهم بصدد الاجتماع لاتخاذ قرارهم يوم الإثنين.

خليل يستعد
في هذا السياق، أعلن النائب علي حسن خليل عن توجهه إلى رفع دعاوى جزائية ومدنية ضد القاضي سهيل عبود وطلب إحالته إلى التفتيش القضائي. إذ يعتبر خليل أن عبود تجاوز حدود سلطته وأن قراراته هي استهداف سياسي واضح لفئة معينة من السياسين. ولكن، حتى الساعة، وحسب متابعة "المدن"، لم يتقدم وكلاء علي حسن خليل بأي دعاوى، وربما سيكون ذلك في مطلع الأسبوع.

قد يصدر عن القاضي سهيل عبود قرار بغضون أيام يقضي بعودة البيطار، وقد يصدر قرار آخر عن وكلاء أهالي الموقوفين بردّه، ورغم محاولات الإنعاش الخجولة لهذا الملف، إلا أن المعطيات تشير إلى مرحلة جديدة من العرقلة والحسابات السياسية، ليعود مجدداً إلى مرحلة الصفر. ولكننا نعلم جيداً، أن من دفع ثمن المراوغات السياسية، وعدم تطبيق مبدأ فصل السلطات، باهظاً هم الضحايا أنفسهم ومعهم العدالة والقضاء برمته.