جلسة الحكومة طارت لعدم نضج "التمديد" وتعثّر "البريد"

من التطورات الجنوبية، الى التطوات السياسية، للإجابة عن السؤال: ما الذي أدى إلى «تطيير» جلسة مجلس الوزراء؟

عنوانان خلافيان كانا كافيين لكي لا تلتئم الجلسة، ولكي يوعز رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لبعض الوزراء، بعدم التوجه إلى السراي بحجة عدم اكتمال النصاب، على ما أوحت تعليقات هؤلاء الوزراء، والعنوانان هما: التمديد لقائد الجيش جوزاف عون، وملف تلزيم قطاع الخدمات البريدية.

في الملف الأول، كان واضحاً أنّ التطورات التي حصلت في اليومين الأخيرين حرّكتا المسألة، لكنّها وفق المعلومات، ليست ناضجة كفاية لكي تطرح على مجلس الوزراء، إذ أنّ ميقاتي كان جدياً في تأكيده الاثنين الماضي أمام زواره أنّ المسألة لم تنتهِ بعد ولا نية لطرحها على مجلس الوزراء.

وتضيف المعلومات أنّ المشاورات لا تزال تنتظر قرار «حزب الله» الذي لم يبلّغ موقفاً رسمياً واضحاً، لا سلباً ولا إيجاباً، ولو أنّ بعض المحيطين بقائد الجيش أوحوا خلال الساعات الأخيرة أنّ التمديد حُسم.

فعلياً، التخريجة في مجلس الوزراء جاهزة، لكن القرار السياسي لم يتخذ بعد. وقد أنهى الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية دراسته القانونية التي ستعكس القرار السياسي، حين يتخذ.

وكان مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 19 تشرين الأول الماضي، كلّف القاضي مكية إعداد مشروع قانون لرفع سنّ التقاعد لمن يحمل رتبة عماد أو لواء، لمدة سنة واحدة، وبالتوزاي، كلّفه وضع دراسة قانونية للحلول الممكنة لملء الشغور في قيادة الجيش. ويبدو أنّ هذه الدراسة تضمّنت كل الاحتمالات الممكنة، التي تبدأ بالتعيين ولا تنتهي بتأجيل التسريح، وهي أخذت في الاعتبار الظروف المحيطة، لجهة أنها حكومة تصريف أعمال، ولجهة أن وزير الدفاع يرفض المشاركة في أعمال الحكومة، ولم يقم بواجباته في هذا الشأن.

وهنا، تُفهم وظيفة الكتاب الذي وجّهته رئاسة الحكومة إلى وزير الدفاع، وأثار غضبه، ليكون بمثابة حجة لكي تبادر الحكومة لو بقي وزير الدفاع منكفئاً.

فعلياً، لم يكن مقدّراً لجلسة الأمس أن تبتّ مسألة التمديد. وفي المقابل، كان ملف تلزيم القطاع البريدي هو المقدّر له أن يفجّر قنبلة خلافية نتيجة إصرار وزير الاتصالات جوني القرم على تجاوز رفض الهيئات الرقابية (ديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام) لنتائج التلزيم، وتمسّكه بتوقيع العقد مع شركة ميريت إنفیست Merit Invest بالائتلاف مع شركة Colis Prive France.

وفق المعلومات تناهى إلى مسامع الوزير أنّ عدداً من الوزراء وتحديداً المحسوبين على الثنائي الشيعي، كانوا في صدد رفض طلبه وإسقاط نتائج التلزيم، كما أنّ رئيس الحكومة كان في موقف محرج، فرفضُه للعقد يعني قبوله بالتمديد لشركة «ليبان بوست»، وهو ما لا يريده لئلا يتهم بتغطية الشركة، فيما قبوله العقد يعني تجاوزاً للهيئات الرقابية، وهو ما يرفضه أيضاً. ولهذا رسا الإخراج على «تطيير» الجلسة منعاً للاصطدام.