المصدر: النهار
الكاتب: نبيل بو منصف
الاثنين 1 أيلول 2025 07:20:31
تثير الحملات المقذعة والنزقة والحاقدة، كما السطحية الناضحة تفاهة على وسائل التواصل الاجتماعي وحتى عبر الإعلام التقليدي، حين تتحرك بأصابع محركة او بدافع العصبية، التقزز من واقع مهترئ أساسا زادته آفة استسهال الشتيمة تقززا. هي مقدمة لا بد منها في ظل تمادي حملات تنطبق عليها هذه الحقيقة تصاعدت في اتجاهات مختلفة منذ الخامس من آب وتمادت في اتجاهات مختلفة في الأيام الأخيرة مع اقتراب موعد جلسة لمجلس الوزراء يفترض ان تطلق العنان لخطة قيادة الجيش في تنفيذ قرار تاريخي تحت تسمية حصر السلاح في يد الدولة.
ليست الحملات المقذعة، إلا الوجه المحدث الجانبي من تاريخ مثير لكل الحذر والتحفظ والترقب الواجس حيال حقبات متعاقبة كانت الحكومات اللبنانية عبرها وخلالها عرضة لانشقاقات او تباينات تثبت الهشاشة المطلقة بل الضعف البنيوي المتأصل في واقع السلطات التنفيذية بحيث لا تقوى على احكام السيطرة والقيادة على المتمردين عليها من داخل وخارج السلطة. منذ مطالع الحرب وعند اشتعالها كانت الحكومات اللبنانية تتحول إلى شهود على تهاوي البلد وانقساماته رغم التركيبات الشكلية لحكومات تراعي التمثيل الواسع المبدئي والنظري والعملي في آن واحد، ولا تنفع الرهانات على سلطة بالمفهوم الكفيل بجعل الدولة وحدها الأداة الحاسمة والحامية للقرارات الوطنية السيادية. انهارت مع محاولات الحوارات الشهيرة في مطالع الحرب وخلالها، وحتى في مؤتمرات شهيرة كمؤتمري جنيف ولوزان، كل رهانات الناس على ان الحكومات المشكلة بمعايير التمثيل السياسي والطائفي والحزبي ولو بين أطراف متحاربة، تشكل خشبة خلاص وحيدة من أهوال الاقتتال. وحتى بعد سنوات الحرب الـ 15 وبدء عصر الطائف، وعلى رغم آحادية الهيمنة السورية الحديدية على العهود والمجالس النيابية والحكومات، ظل التلاعب او الزعزعة داخل الحكومات جزءاً من هواية النظام الاسدي في ترك الفولكلور الانقسامي الداخلي يأخذ مداه.
استفحلت الأمور على نحو مفجع مع اخضاع حكومات رفيق الحريري لأخبث الضغوط اطلاقاً حين اخضع عملاء النظام الاسدي من داخل التركيبة السياسية آنذاك الحريري وحكوماته لأطول وأعقد وأفتك المؤامرات التي افضت في نهاية المطاف إلى اغتياله واشعال حرب الاغتيالات. والاسوأ الذي اعقب الانسحاب السوري المذل تمثل في تاريخ التعطيل المديد مقترناً بمغامرات دموية وترهيبية وانقسامية كتلك التي جسدتها مغامرات ومؤامرات 7 أيار وتباعاً مع تجارب أزمات التعطيل الحكومي والرئاسي. حتى هذه الساعة ، ولا نملك الجزم بأبعد منها أبداً، تماسكت حكومة الرئيس نواف سلام الأولى في عهد الرئيس جوزف عون، على رغم اهتزاز خطير اول تعرضت له منذ جلستي الخامس والسابع من آب المنصرم. حين تنعقد جلسة الخامس من أيلول، المصادفة بعد مرور شهر كامل على جلسة القرار المفصلي الخاص بحصرية السلاح في يد الدولة، ستكون خلفيتان كبيرتان حاضرتان مع الجلسة: خلفية تاريخ مديد من الانفصامات والتجارب المزعزعة لثقة اللبنانيين والعالم بسلطات وحكومات سابقة، وخلفية سبعة اشهر مشجعة ومحفزة على الإقلاع عن عقدة الرضوخ لهذا "المرض" القاتل للدولة وتجاوزه إلى فرض أمر عمليات الدولة الحاسمة بلا أي تهاون وتردد واسقاط الرضوخ لمن أدمن ابتزاز الدولة واللبنانيين بالسلاح والترهيب والتخويف لأنه يراهن على "حكم الضعفاء".. احذروا "خيبتنا"!