جنبلاط يضبط الـ Settings

أعاد وليد جنبلاط تحريك راداراته، والخطر المحدق بمصالحه، اللقاءات البرلمانية التي يشتمّ من خلفها رائحة الاتفاق على هوية رئيس جمهورية بلا أي دور أساسي للإشتراكي.

رادارات البيك تحرّكت وتمّ ضبط الـ SETTINGS لتصبح رادارات ابتزازية لكل من يعتبر نفسه سياديًا ولا يُريد رئيسًا مدعومًا من حزب السلاح. البيك وبحنكته قالها وبالفم الملآن إنه سيجتمع مع قيادة حزب الله خلال الأسبوع الحالي، ما مفاده إذا رفضتم إشراكي في "الطبخة" الرئاسية وإن لم أحصل على حصة الأسد في التسمية، سأقفز إلى المقلب الثاني وأرجّح كفّة حزب الله في الانتخابات.

حافظ جنبلاط دائمًا على وضعيته ككفّة مرجّحة في كل استحقاق مهما كبر أو صغر، لكن تهديده المُبطّن بالقفز إلى سفينة حزب الله التي على ما يبدو السفينة الواحدة المتماسكة في وجه كل العواصف البرلمانية رسالة متعدّدة الأوجه، تبدأ بسيّد معراب الذي تربطه به علاقات جيدة، فجعجع ملأ الساحات مطالبًا بوحدة القوى السيادية وغيرها، كما تتجه الى ما تبقى لبيت الوسط من كتلة نيابية، وصولًا إلى قوى التغيير فحزب الكتائب اللبنانية.

عرف جنبلاط بتقلّباته السياسية خلال العقود الماضية، وغالبًا ما حافظت تلك التقلبات على وضعية المختارة انطلاقًا من مقولة شهيرة "ألف قلبة ولا غلبة"، فهو تنقّل من حليف السوري إلى أكثر معادٍ له، ومن أشد أخصام الثنائي في 7 أيّار إلى أقرب الأصدقاء. لم يقطع جنبلاط يومًا حبل السّرّة مع أي مكوّن لبناني، ولكنه أيضًا لم يخض كل معاركه مع مكوّن واحد، اتسمت كل معارك جنبلاط بحسابات "جوهرجي" وعلى ما يبدو راداراته تستشعر فوزًا بمتناول يده.

قد يعتبر البعض مواقف جنبلاط الأخيرة تتناسب مع شخصيته، لكن أخطر ما جاء خلالها "لا أوافق على كلمة حياد وموضوع النأي بالنفس "اخترعناه" عندما طلبنا من حزب الله أن لا يدخل إلى سوريا وقد فشلنا في ذلك، لكن أن نكون على الحياد وعلى أبواب كل العرب هناك عدو إسرائيلي فهذه "هرطقة سياسية"، كلام جنبلاط لا يمكن وضعه إلا في إطار قطع علاقاته ببكركي وسيّدها والتي لطالما صانها بيك المختارة كفرض واجب أو فريضة لتمديد جسور علاقاته بإتجاه حارة حريك، خصوصًا بعد المعركة الانتخابية الشرسة التي هندسها حزب الله لإسقاط غالبية المقاعد الدرزية المحسوبة على جنبلاط.

يبدّل جنبلاط مواقفه، لكن في هذا الموقف بالتحديد جلّ ما يطلبه أن يحافظ على دوره، وعلى القوى السياسية المعارضة لحزب الله عدم إعطاء الأخير فرصة لاصطياد جنبلاط بسبب تعنتها و"عنادها" وأنانيها، عليهم الاتّعاظ من تجارب الماضي.