حرب آل مخلوف والأسد...تسوية ثمنها الأسواق الحرة السورية

زار الرئيس السوري، بشار الأسد، الأحد، مدينة القرداحة في ريف اللاذقية، والتقى وجهاء عائلة أخواله مخلوف، حيث طمأنهم بأن الخلاف مع رامي، يجب ألا يؤثر على العلاقة بين العائلتين.

وسائل إعلام وصفت الزيارة بأنها أشبه بمبادرة "صلح"، خاصة وأنه سبقها منح إيهاب مخلوف شقيق رامي، عقد تشغيل الأسواق الحرة في البلاد.

إيهاب مخلوف، كان قد استقال من شركة الاتصالات سيرتيل، وسط الأزمة التي كان يعانيها شقيقه مع الأسد، إذ أعلن في حينها، أن استقالته تأتي احتجاجا على تعاطي شقيقه رامي مع الإعلام أثناء المواجهة مع الأسد.
وفق وسائل إعلام سورية، فقد كانت المصالحة بوساطة أقرباء لعائلة مخلوف وهم من عائلة إسماعيل، التي تعتبر من العائلات المتنفذة في سوريا.
وأشارت المعلومات إلى أنه الفترة المقبلة قد تشهد تغيرا في المشهد الداخلي السوري، بحيث يصبح إيهاب مخلوف هو الواجهة لعائلة مخلوف ومصالحها، بدلا من شقيقه رامي، الذي أصبح على خلاف مع رئيس النظام السوري.

عقد الأسواق الحرة
منذ 2010 تحتكر شركات مخلوف الأسواق الحرة، إذ لم يدخل أي منافس لاستثمار تلك المنطقة، بسبب القوة التي كان يتمتع بها بحكم قرابته من الأسد.

ولكن في نهاية يونيو الماضي، فسخت وزارة الاقتصاد والتجارة السورية عقودها مع شركة مخلوف لإدارة واستثمار الأسواق الحرة، وهي ما وصفها مراقبون بأنها أشبه بصفعة من بشار لرامي.

ونشرت الوزارة على صفحتها على فيسبوك نص القرار الذي يحمل الرقم (526)، مشيرة إلى أنها فسخت كافة عقودها المبرمة مع مخلوف لاستثمار الأسواق الحرة، بعد ثبوت "تورط مستثمر تلك الأسواق، بتهريب البضائع والأموال، وعليه قررت فسخ العقود".
ويشمل القرار الأسواق الحرة في جديدة يابوس، ومركز نصيب، ومركز باب الهوى ومرفأ اللاذقية، ومرفأ محافظة طرطوس، ومطار دمشق، ومطار حلب، ومطار الباسل في اللاذقية.

وبعد أقل من شهرين، نقلت صحيفة الشرق الأوسط التي تصدر من لندن، عن مصادر أن الحكومة السورية منحت إيهاب ورجل أعمال كويتي عقد إدارة وتشغيل الأسواق الحرة.

من هو إيهاب مخلوف؟
إيهاب مخلوف (47 عاما)، كان شريكا لأخيه رامي، وهو أحد الشركاء المؤسسين في عدة شركات ومؤسسات كبرى في سوريا، من ضمنها سريتيل للخدمات والاستشارات وشركة الجامعات السورية الخاصة، وشركة بيشاور للاستثمار، وصروح، والفجر، والحدائق، والمدينة، وهو مدير ومالك شركة العمار، وعدة شركات عقارية في البلاد، وفق موقع "الاقتصادي".

وشغل إيهاب منصب نائب رئيس مجلس إدارة شركة سيرتيل موبايل، حتى استقال منها في مايو، ما دفع أخيه رامي بتعيين ابن أخيه علي مكان والده، واستمر في منصبه أسابيع حتى قررت وزارة الاتصالات وضع يدها وإدارة الأمور.

ويعد إيهاب أحد الأسماء في قائمة العقوبات الصادرة من الاتحاد الأوروبي، وذلك "لتمويله حكومة الأسد ولسماحه بممارسة العنف ضد المتظاهرين".

كما يعتقد أن إيهاب مخلوف مسؤول عن وحدات القناصين التي أطلقت النار على المتظاهرين، بحسب تقرير نشره موقع "درج".

رامي أم إيهاب؟
بحسب تقديرات تعود لعام 2011، يملك رامي وشقيقه إيهاب ثروة شخصية قد تتجاوز ثلاثة مليارات دولار، ويسيطران مباشرة أو بصورة غير مباشرة على ما يصل إلى 60 في المئة من الاقتصاد السوري، بحسب تقرير نشرته وكالة فرانس برس.

مراقبون، قالوا لوسائل إعلام محلية، إنهم يتوقعون أن يصبح إيهاب عميد عائلة مخلوف بدلا من أخيه رامي، خاصة وأنه مطلع على جميع تفاصيل الشركات والصفقات التي كان يبرمها أخيه، والبعض يصفه بأنه "ذراع تنفيذي" لرامي.

وما يدفع أيضا بهذا الأمر، أنه تخلى عن رامي، ووقف مع ما وصفها في مايو بـ"القيادة الحكيمة"، حيث دعم بشار الأسد، ليصف رامي تصرف أخيه بأنه تم بالإكراه.
وبعدها خرج إيهاب، وقال في تصريح عبر حسابه في فيسبوك، إن استقالته جاءت "نتيجة خلاف على تعاطي رئيس مجلس إدارة سيرتيل الأستاذ رامي مخلوف مع الإعلام ومع الملف القانوني والمالي تجاه الطاقم الحكومي".

وأضاف "كل مال الكون، وشركات الدنيا لا تزحزح ولائي لقيادة رئيسنا وقائدنا بشار حافظ الأسد".

رامي وبشار!
يعود أصل الخلاف بين الأسد ومخلوف إلى مطالبة النظام السوري له بدفع مبالغ مالية ضخمة، وإصراره على عدم قانونية الموضوع، ما دفعه إلى نشر سلسلة من مقاطع الفيديو والمنشورات التي يهاجم فيها الأسد.

ومنذ الربع الأخير من العام الماضي، وفي مطلع مايو عادت قصة رامي مخلوف إلى الواجهة، ودارت العديد من الأقاويل بين حبسه من قبل السلطات أو هربه خارج البلاد، أو أنه محجوز عليه في قصره في ضواحي دمشق، فيما تأكدت أنباء عن اعتقال مدراء في شركة سيرتيل للاتصالات التي يسيطر عليها، واعتقال مدراء آخرين تابعين له يديرون جمعية خيرية يتبع لها ميليشيا مسلحة.

المناورات مع رامي بدأت منذ أغسطس الماضي عندما طلبت روسيا من النظام السوري تسديد نحو 3 مليارات دولار، حيث حاول النظام في حينها الضغط على مخلوف من أجل دفع هذه الفاتورة.
وأطل مخلوف مطلع يونيو في فيديو هدد فيه "بزلزلة الأرض تحت أقدام الظالمين"، بعد تقديم "الهيئة الناظمة للاتصالات السورية" طلب تعيين حارس قضائي على شركة سيرياتل للاتصالات، التي يديرها، محذرا من "تدخل إلهي يوقف هذه المهزلة".

وأضاف مخلوف أن "ليس بمقدور أحد أن يمنع أعمال الشركة عن مستحقيها"، الذين قال إنهم من الفقراء الذين تخصص لهم الشركة 70 بالمئة من الأرباح، مؤكدا أن "هذه الأعمال ليس بمقدور أحد أن يمنعها عن مستحقيها فبكل صراحة ووضوح وبكل شجاعة وثقة أكرر لا أحد قادر على منع إيصال هذه الأموال إليكم، لا أحد، لا أحد".

وفي مايو الماضي، أصدرت وزارة العدل السورية قرارا منعت بموجبه رامي، من السفر بشكل موقت بسبب أموال مستحقة للدولة على إحدى شركاته.
وقال رامي بعدها إن الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد "ألقت الحجز على أموالي وأموال زوجتي وأولادي".

وأضاف في منشور على فيسبوك إنّه تلقى أيضا إخطارا من الحكومة قضى بحرمانه "من التعاقد مع الجهات العامة لمدة خمس سنوات".