حرب إسرائيل على إيران تعبث بالمنطقة... أخطار على لبنان و"حزب الله" مقيّد؟

بدأت الحرب الإسرئيلية- الإيرانية تتخذ أبعاداً أخرى وتنذر بمواجهة مفتوحة في المنطقة. فقبل أكثر من سنة، لم يكن بمقدور إسرائيل تنفيذ ضربات مثل هجومها الذي طال كل البنية الإيرانية وعصب النظام. ذلك أن إيران عند طوفان الأقصى كانت لديها مساحات سيطرة وأذرع وتقود محورا يمكنه إشغال إسرائيل والقتال ضدها، وهي تضع سيناريواتها المتقدمة دفاعاً عن برنامجها النووي. اليوم ومع الحرب الإسرائيلية تقاتل إيران بعدما وصل الأمر إلى بيتها، إذ بات النظام نفسه مهدداً ويدافع عن وجوده.

كانت إيران تقود محوراً يمتد من فلسطين ولبنان إلى سوريا والعراق واليمن، لكن بعد 7 تشرين الثاني 2023 انقلبت الأمور مع التدمير الإسرائيلي لغزة وضرب حركة حماس، فيما شنت إسرائيل حرباً على لبنان بعد معركة الإسناد التي خاضها "حزب الله" طوال سنة انتهت بضرب بنيته العسكرية واغتيال قيادته. وبعد سقوط النظام السوري لم يعد لطهران أي قدرة على القتال بالواسطة، وها هي اليوم أمام مواجهة مباشرة مع إسرائيل المنفلته للسيطرة على المنطقة والتي حظيت بتغطية أميركية ودعم لم تنفه الولايات المتحدة، وهو ما يشير إلى أن إيران باتت اليوم داخل العاصفة بعدما أصرّت طويلاً على الإمساك بعواصم عربية ودفع أذرعها الى مغامرات انتهت بتفكيك مجتمعاتها.

باتت الحرب مفتوحة على مزيد من الضربات، وهو ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في غياب الطرف القادر على إطفاء الحريق، خصوصاً بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعمه لإسرائيل، لإلزام إيران بالاستسلام لكل الشروط، إذ لا يمكن التكهن بأي سيناريو سينهي المواجهة التي تهدد المنطقة، فهدف إسرائيل إسقاط النظام الإيراني، وهو إذا تحقق يمكن أن يُدخل إيران والمنطقة كلها في حالة من الفوضى. 

تتعرض إيران لضربات كبيرة وهي إذ ترد بإطلاق الصواريخ البالستية، تفتقد لمساندة أي دولة أو حلفاء، فإسرائيل التي نجحت بدعم أميركي في تفكيك محور "الممانعة" تسعى ضمن خطتها للسيطرة على المنطقة أو أقله لتكون لها اليد الطولى في تقرير مصيرها، فضربت كل المسارات، وهو ما ظهر بإلغاء جولة المفاوضات الأميركية الإيرانية في عُمان، وتأجيل مؤتمر نيويورك لحل الدولتين. وتأتي الحرب الإسرائيلية على إيران بعد إضعاف حلفائها، وقد تلقى مصير نظام صدام حسين قبل أكثر من 20 عاماً، فهي حاربت بأذرعها في المنطقة خصوصاً "حزب الله" الطرف الذي كان يشكل القوة الضاربة، لكنه اليوم يعاني ولا يستطيع القيام بأي خطوة بعدما ضعفت بنيته، خصوصاً أن إيران لم تتدخل في الحرب التي شنتها إسرائيل ولم تساند لا حماس في غزة ولا حزب الله في لبنان. 

اليوم وصلت الحرب إلى الداخل الإيراني، بما يعني أن إسرائيل وأميركا أنهيا دور إيران في المنطقة، وجرى تحجيم نفوذها، لكن ذلك لا يعني أن لا أخطار على لبنان في ظل الاندفاعة الإسرائيلية التي يمكن أن تكون وضعت "حزب الله" ضمن خانة التصفية، وقد تندفع إسرائيل في حال نجحت خطتها في إيران، إلى وضع مزيد من الشروط والضغوط على لبنان والدفع به ليس لنزع سلاح الحزب فقط بل لفرض واقع جديد في لبنان. وإلى الآن لا يزال الحزب على رهاناته في إمكان تغيير المعادلات، وهو ما يوفر الذرائع لإسرائيل لاستكمال خطتها ضد لبنان.

ورغم كل تداعيات الحرب، لا يزال النقاش في السلاح يتجاوز الأخطار التي تحدق بلبنان، فيما المعلومات تتحدث عن زيادة الضغوط الدولية والأميركية لدفع "حزب الله" لتسليم سلاحه. وتطرح مخاوف من أنه إذا توسعت الحرب قد ينخرط "الحزب" في عمليات ضمن المحور، وهو احتمال قائم طالما أنه لم يستنتج الدروس من القرار الكارثي التي اتخذه بجر لبنان إلى حرب الإسناد. فيما إسرائيل تروج أنه يسعى لإعادة تنظيم بنيته لاستخدام الطائرات المسيّرة بدل الصواريخ. فإذا كانت المرحلة اليوم خطيرة والحرب مفتوحة على مصراعيها، لا بد للبنان أن يقف على مسافة ليحمي نفسه وينقذ البلد في مرحلة المتغيّرات الصعبة.