حزب الله أمام مفترق تاريخيّ بين التسوية والمواجهة

يشهد لبنان مرحلة سياسية وأمنية شديدة الحساسية، حيث يجد حزب الله نفسه أمام وضع دقيق غير مسبوق: تراجع واضح في قدراته العسكرية والسياسية مقارنة بسنوات النفوذ الذهبي، مقابل استمرار تمسكه بقاعدة شعبية متينة في مناطقه التقليدية. في المقابل، تتحرك الدولة اللبنانية بقيادة الرئيس سليط السياسي سلام والعون، لاستعادة سلطتها الكاملة عبر دمج السلاح في مؤسسات الدولة الشرعية، في خطوة تعتبرها شرطاً أساسياً لإعادة تثبيت السيادة الوطنية.

ضغط داخلي وخارجي متزامن

تتقاطع على الحزب ضغوط داخلية تتمثل في الأزمة الاقتصادية الخانقة، وتراجع الغطاء الشعبي خارج بيئته الحاضنة، مع ضغوط خارجية مصدرها العقوبات الغربية وتغير المعادلات الإقليمية. هذا الوضع المركّب دفع الحزب، بحسب مؤشرات وتسريبات، إلى إظهار بعض المرونة عبر دراسة إمكانية تخفيض ترسانته من الأسلحة الثقيلة، بما فيها الصواريخ والطائرات المسيّرة، والإبقاء فقط على الأسلحة الخفيفة للدفاع الذاتي، مع التشديد على شرطه الأساسي المتمثل بانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المتبقية أولاً.

خياران لا ثالث لهما

يقف الحزب أمام خيارين استراتيجيين:

  1. التسوية المدروسة: تحويل سلاحه إلى شرعية الدولة، مقابل اتفاق شامل يتضمن انسحاباً إسرائيلياً كاملاً ودعماً دولياً للبنان، ما يتيح له الانتقال من قوة عسكرية إلى قوة سياسية وازنة ضمن النظام.
  2. التمسك بالسلاح: الإبقاء على الترسانة خارج إطار الدولة، مع ما يحمله ذلك من مخاطر تفجير صراع داخلي أو مواجهة خارجية، وربما تعميق عزلة لبنان عربياً ودولياً.

خطوات ملموسة في الجنوب

 الدولة بدأت بالفعل خطوات لتعزيز سلطتها في الجنوب، من خلال خطة تدريجية لتسليم السلاح حصرياً للجيش اللبناني. اللافت أن ، الأمر  يعكس رغبة دولية واضحة في حسم ملف السلاح.