المصدر: النهار
الكاتب: ابراهيم حيدر
الخميس 12 حزيران 2025 10:26:10
إذا صحّت المعلومات التي تسربها وسائل إعلام إسرائيلية عن اعتزام الولايات المتحدة الأميركية وقف دعم "اليونيفيل" ووضع فيتو على قرار التمديد لها في الجنوب، فإنها تعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لاستمرار عملياتها ضد "حزب الله"، وبالتالي عدم الانسحاب من النقاط الخمس.
لكن الوجه الآخر للتلويح الأميركي، يتمثل بمنح لجنة المراقبة الدولية صلاحيات أوسع لتحل محل "اليونيفيل" في مراقبة تنفيذ بنود اتفاق وقف الذي أعلن في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
والواقع أن ما تتعرض له "اليونيفيل" من مضايقات من بيئة "حزب الله" في القرى الجنوبية، يدل على حالة إنكار، ويعطي الإدارة الأميركية وإسرائيل الذرائع للانقضاض على دورها، بزعم أنها لا تؤدي مهماتها في نزع السلاح، علما أن الموقف الأوروبي وخصوصاً الفرنسي لا يزال متمسكاً بـ"اليونيفيل". فإذا وصلت الأمور إلى إنهاء مهماتها، يعني ذلك خسارة للبنان وتشريع الحدود الجنوبية على مزيد من الاعتداءات الإسرائيلية المفتوحة على احتمالات حرب أوسع ضد "حزب الله".
وللأمر دلالة تتعلق بوضع الجنوب عموماً ومصير "حزب الله" مع استمرار الضربات الإسرائيلية واستهدافاتها، إذ بات الوضع مرتبطاً أكثر بلجنة المراقبة لا "اليونيفيل"، ما يعني أن الأولوية الأميركية الآن ليست للقرار 1701، إنما تطبيق اتفاق وقف النار بما يتضمنه من شروط لنزع سلاح "حزب الله" وفق البنود المدرجة في الاتفاق، ليس في جنوب الليطاني فحسب إنما في شماله، وبالتالي إنهاء بنية الحزب في المناطق التي كان يعتبرها منزله وساحته، والأخطر فرض أمر واقع في ما يتعلق بحرية الحركة الإسرائيلية وضرب أهداف تزعم أنها تهدّد أمنها.
المفارقة أن "حزب الله" لا يزال في حالة إنكار أمام ما تعرض له من ضربات لبنيته، ويساهم خطابه في إعطاء الاحتلال ذرائع لاستمرار هجماته على لبنان، وسط عجز الدولة وعدم تسلمها من الحزب أوراقاً يمكن استخدامها دولياً للضغط وفرض الانسحاب الإسرائيلي، وبالتالي الحفاظ على دور القوة الدولية. لذا نجد الدولة تتخبط أمام استمرار رهانات "حزب الله" على ما يسميه إعادة بناء قوته العسكرية التي لم تتمكن أساساً من حماية لبنان ولا حتى منع الاستهدافات لقيادات الحزب وكوادره، وإنكاره أيضاً الهزيمة.
يبقى لبنان أمام هذه التطورات على قارعة الانتظار، لا يملك أوراق قوة مع انحسار فورة الدعم الدولي وتراجع الزخم. أما "حزب الله"، فهو الآن مطالب أكثر من أي وقت بالاعتراف بأن نموذجه جنوباً انتهى كقوة مسلحة، وإن كان يلتف حوله جمهور كبير، كما أن السلاح الذي يحتفظ به لم يعد له وظيفة كما كان خلال مرحلة الاحتلال قبل الألفين. وها نحن اليوم أمام احتلال لنقاط على الحدود الجنوبية واختلال لموازين القوى لا يمكن ردمه إلا بمنح الدولة كل ما يلزم، خصوصاً أن الحزب وافق في الاتفاق على بند انسحابه إلى شمال الليطاني، وتفكيك كل منشآته العسكرية، ومصادرة جميع الأسلحة بدءاً من منطقة جنوب الليطاني. لذا عليه أن يتحمل المسؤولية ويقر بالواقع ويترك الأمر للبنانيين في ابتكار أساليب جديدة للتحرير وفرض الدولة لسلطتها في الجنوب.