حزب الله من 7 أيار إلى صخرة الروشة: انكسار السطوة وانكشاف الضعف

ما حصل على صخرة الروشة ليس مجرد استعراض ضوئي، بل فضيحة سياسية وأمنية بحجم حزب ادّعى طوال عقود أنّه "فوق الدولة". حزب الله الذي تحدّى قرار الحكومة اللبنانية وأصرّ على إضاءة الصخرة، قدّم برهانًا حيًّا أنّه لا يعترف بسلطة الدولة ولا بقراراتها، وأنّ سلاحه لا يزال وسيلته الوحيدة لفرض مشهدياته حتى على المعالم الوطنية.

لكنّ المفارقة الكبرى تكمن في سقف المشهد: حزب الله الذي اجتاح بيروت في 7 أيار، وأطلق رصاصاته على صدور اللبنانيين، واغتال رموز المعارضة، لم يجد اليوم سوى صخرة الروشة ليفرغ فيها فائض العناد. من اجتياح العاصمة بالسلاح إلى إضاءة صورة على صخرة... هكذا ينحدر "المارد" الذي كان يرعب الداخل والخارج إلى استعراضات بائسة تُشبه العاجزين.

الأخطر من ذلك أنّ الحزب حاول استجداء العاطفة السنّية عبر إضاءة صورة جمعت رفيق الحريري إلى جانب حسن نصرالله وسعد الحريري. أي وقاحة أبشع من أن يكرّم القاتل ضحيته؟ أليس حزب الله نفسه من اتُّهم باغتيال رفيق الحريري، ومن حاصر سعد الحريري وأذلّه سياسيًا، ومن اجتاح شوارع بيروت تحت أعين الجميع؟ وها هو اليوم، بعد أن أصبح وحيدًا معزولًا، يمدّ يده نحو جمهورٍ لطالما استهدفه بالدم والرصاص، بحثًا عن غطاء شعبي افتقده حتى في بيئته الخاصة.

إنّ ما جرى على صخرة الروشة أمس لم يكن عرض قوّة، بل كان شهادة علنية على ضعف حزب الله. فالفصيل الذي كان يُمسك بخناق الدولة، ويصادر قرار الحرب والسلم، تحوّل إلى لاعب يائس يختبئ خلف صور مضاءة على صخرة.

الحقيقة الساطعة أنّ حزب الله لم يعد ذلك "القدَر" الذي يخشاه اللبنانيون. الأمس في الروشة يثبت أنّ الحزب يتآكل من الداخل، وأنّ صورته التي بناها بالدم والحديد تتهاوى. ومن كان يظن أنّ اغتيال الحريري سيُسكت بيروت، ها هو يعود اليوم ليقف عند صخرها، طالبًا الغفران عبر صورٍ مضاءة، لا تغيّر حقيقة أنّه القاتل الذي فقد هيبته.