حزب الله وشركاه لتصنيع المسيّرات وبيعها

كتب قاسم مرواني في المدن:

الطريقة التي قدم بها أمين عام "حزب الله"، حسن نصرالله، قدرة حزبه على تصنيع المسيرات وأنه يقوم بذلك منذ زمن، أعطت انطباعاً أن هدف هذا التصنيع ليس الاستخدام العسكري ضد العدو الاسرائيلي فقط، بقدر ما هو تجارة المسيرات أيضاً.

وأتبع خطاب نصرالله بتجربة أداء للمسيرة التي أطلق عليها إسم "حسان" (تيمناً بالقيادي حسان اللقيس)، لتظهر قدرتها على الطيران لمسافة 70 كيلومتراً داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة من دون أن تسقطها إسرائيل. تجربة أداء أرفقت بحملة في مواقع التواصل الاجتماعي احتفالاً بالانجاز الجديد.
طريقة التقديم هذه، التجارية إلى حد ما، دفعت رئيس الحزب الاشتراكي، وليد جنبلاط، إلى السخرية، داعياً إلى استثمار أموال المودعين في قطاع الطائرات المسيرة المصنوعة محلياً والصواريخ، ما استدعى هجوماً على جنبلاط من ناشطين في الشبكات الاجتماعية مناصرين لحزب الله. لكن جنبلاط في الحقيقة لم يكن وحده، فحتى مناصري "حزب الله" نشروا تغريدات تدل على انبهارهم بما أنجزه الحزب، ونظروا، ولو مازحين، إلى أن المشروع يحمل بصمة تجارية.
يملك "حزب الله" في لبنان الكثير من المرونة، لديه هامش واسع يتحرك فيه، يكفله انعدام المحاسبة على أي عمل يقدم عليه. هامش يسمح له بأن يطلق الجهاد الزراعي، وأن يفشل حتى قبل أن يبدأ، من دون أن يطرح جمهوره أسئلة لماذا وكيف وما البديل؟ واليوم يعلن تصنيع طائرات مسيرة من دون أن يسأل الجمهور: ما المردود المبتغى من ورائها غير حصد المزيد من النقاط السياسية لصالح الحزب ورفع حدة التوتر على الحدود الجنوبية، ومن دون أن يسأل ما عواقب المزيد من تهميش الدولة وتهميش الناس ومشاكلهم الحقيقية؟

بالطبع لن يكون هناك مُشترٍ لمسيرات "حزب الله"، والأرجح ألا يكون لها استعمال حقيقي في المدى القريب مع تقلص احتمالات اندلاع صراع عسكري مع اسرائيل لا قدرة لحزب الله عليه ولا طاقة لإسرائيل على احتماله. لكن الحزب اليوم يلعب بالورقة التي يجيدها بامتياز، بعد فيديو التدريبات العسكرية على الثلج ثم الطائرة المسيرة. يحاول شد العصب الشعبي قبيل الانتخابات النيابية، جاذباً تركيز الناس إلى وجوده كـ"مقاومة" تحارب اسرائيل، القيمة الإيديولوجية الأكثر قابلية للاستثمار، فيصبح وجوده السياسي في لبنان هامشياً ولا قيمة تذكر له، وبالتالي لا تعويل انتخابياً عليه.