المصدر: نداء الوطن
الأربعاء 9 تموز 2025 07:45:01
الموفد الأميركي توم براك كان يومه أمس ميدانيًا، حيث جال في الجنوب ليستطلع بأم العين المنطقة الأكثر سخونة منذ انخراط "حزب الله" في حرب "الإسناد والمشاغلة" في الثامن من تشرين الأول 2023 .
حركة براك الميدانية تزامنت مع بدء الدوائر الدبلوماسية الأميركية دراسة الرد اللبناني على ورقة المطالب الأميركية، علمًا أن هذا الرد لم يمر بالسلطة التنفيذية أي بـ "مجلس الوزراء مجتمعًا"، وهذا ما حدا برئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع إلى رفع الصوت معتبرًا أن ما حدث ليس قانونيًا ولا هو دستوري، وهذا العيب من شأنه أن يُدخِل التشكيك بكل ما جرى، على رغم محاولة رئيس الحكومة نواف سلام الدفاع عن الخطوة.
الأجواء والانطباعات عن جولة براك
مصادر ديبلوماسية أوجزت لـ "نداء الوطن" الانطباعات والمعطيات عن جولة براك، وعددتها على الشكل التالي:
1- إسرائيل متمسكة باتفاق 27 تشرين الثاني 2024 من زاوية أن الحرب كان هدفها تسليم سلاح "حزب الله"، وإذا لم يكن هناك تسليم سلاح فلا بحث بأي أمر آخر.
2- لا توجد إشارات فعلية إلى قبول "الحزب" بتسليم السلاح.
3- موقف الدولة اللبنانية يراوح بين التردد والخشية، فهي لا تريد اتخاذ قرارات جريئة، وكأنها تقول للولايات المتحدة الأميركية وللمجتمعَين الدولي والعربي: لا تتكلوا علينا بإجبار "حزب الله" على تسليم السلاح.
وتكشف المعلومات أن براك لمس تذاكيًا من خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين.
4- هناك فريق من السفارة الأميركية في بيروت يدرس الجواب اللبناني. ولكن هذا الجواب سيذهب إلى إسرائيل وواشنطن لاتخاذ الموقف النهائي منه.
5- "خطوة مقابل خطوة"، لا يمكن أن تتحول إلى انسحاب إسرائيل، ثم نتكلم بسلاح "حزب الله".
6- ويُنقَل عن براك قوله: "أنا صديق للرئيس ترامب، وهو يولي أهمية للبنان وفق الأولوية التالية: تسليم السلاح فالإصلاح فترسيم الحدود مع إسرائيل ثم علاقة وثيقة مع سوريا.
7- هناك فرصة في ضوء ما يحصل في المنطقة، وإذا تخلف لبنان فإننا لا نعرف ماذا ستفعل إسرائيل؟ قد تستمر على وتيرة الاغتيالات والقصف وقد تذهب أبعد لا أحد يعرف.
أميركا لن تردع إسرائيل
مصدر في البيت الابيض شدد لـ "نداء الوطن" على أن عدم وجود جدول زمني واضح يعكس رغبة لبنانية جلية في بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها، ليس بالأمر الإيجابي.
وعن مقاربة برّاك لاتفاق وقف إطلاق النار، علّق مصدر دبلوماسي أميركي بالقول: "إن عدم ارتياح الجانب اللبناني لبنود اتفاق الأعمال العدائية "ليس مشكلة أميركية، فاللبنانيون كانوا "يسابقون الريح" للتوصل إلى وقف الأعمال العدائية لأن "حزب اللّه" لم يعد يحتمل الخسائر، "وهم اليوم يسعون لكسب الوقت رغم خسارة كامل محورهم". ويضيف المصدر أن واشنطن لن تقف بوجه إسرائيل أو ردعها عن ملاحقة "حزب اللّه"، لا بل إن إضعاف "حزب اللّه" وجعله لاعبًا داخليًا ضعيفًا بعدما كان لاعبًا إقليميًا، يصبّ في صلب السياسة الأميركية الحالية الهادفة إلى تفكيك الميليشيات في المنطقة إفساحًا في المجال لرسم شرق أوسط جديد.
"دبلوماسية المستثمر المساوم"
وأشار مصدر قريب من وزارة الخارجية الأميركية إلى أن برّاك وصف الوضع اللبناني بـ "دبلوماسية المستثمر المساوم"، ساعيًا في كلامه للتوضيح أن الفرصة سانحة، لكنها قد تكون الفرصة الأخيرة أمام اللبنانيين.
حرب... أم اجتياح محدود؟
مصادر دبلوماسية أوروبية أبدت لـ "نداء الوطن" قلقها من سيناريوَين داهمين يتهدّدان لبنان في العمق. الأول، احتمال اندلاع حرب غير تقليدية قد تتضمن اجتياحًا بريًا محدودًا لبعض المناطق كمنطقة بعلبك – الهرمل، يترافق مع قصف جوي كثيف يستهدف البنية الأمنية والعسكرية لـ "حزب الله". أما الثاني، فهو استمرار الاستنزاف اليومي عبر الطائرات المسيّرة التي باتت جزءًا من المشهد اللبناني، تفرض هيمنتها من دون ضجيج، وتُبقي التوتر على نار هادئة.
وفي كلا السيناريوَين، يبدو المشهد قاتمًا: لا حرب شاملة، ولا سلم حقيقي، فقط فراغ يستهلك ما تبقى من هيبة الدولة، ويُقصيها عن خارطة الأولويات الإقليمية والدولية، فيما تتراجع الاستثمارات، وتنهار فعالية المؤسسات، ويزداد الاختناق الداخلي على مختلف المستويات.
براك غادر ولم يعطِ جوابًا
مصادر رسمية مطلعة كشفت لـ "نداء الوطن" أن براك غادر من دون إبلاغ المراجع الرسمية بأي موقف أميركي من ورقة الرد اللبنانية أو أي تعليق. وأشارت المصادر إلى أن واشنطن تريد الحل السلمي لكن الدولة اللبنانية تضع كل الاحتمالات أمامها خصوصًا أن اسرائيل تستمر بغاراتها، والقرار الإسرائيلي بإشعال الحرب موجود ولا توجد نيات للحل من جانب تل أبيب.