خبير اقتصادي يكشف: التجار يدفعون الخوات للسياسين... ومصرف لبنان ضحية كل التهم!

الأزمة الاقتصادية لم ترحم اي قطاع او انسان.. الا ان ما زاد الطين بلّة هو "الجشع" لدى معظم التجار الذين يشاركون في حرمان الناس ادنى مقومات العيش، من المحروقات الى الطحين الى الدولار الى حليب الاطفال... لا بل كل ما يمكن ان يخطر على البال!...

باختصار وكأننا نعيش في "دولة المحتكرين": الشركات محمية، اقله من قبل الدولة، اذا لم يكن هناك تواطؤ هناك تقاعس عن القيام بواجبات الرقابة والمحاسبة.

وقد خلصت دراسة اخيرة اعدتها المديرية العامة في وزارة الاقتصاد انه حين كان الدولار بـ12 الف ليرة، كانت الاسعار في السوبرماركت على اساس 15000ل.ل، في حين انه يفترض ان يكون اصحاب المتاجر قد اشتروا معظم السلع على السعر المدعوم اي 3900 ل.ل.

وقد رأت مصادر اقتصادية متابعة ان الارباح نتيجة التلاعب بالسعر تفوق الـ2000%، نهايك عن البيع على سعر السوق السوداء وطلب التسعير بالدولار كاش، الامر الذي يفتح الباب امام  التهرب ضريبي، واستغلال فرق سعر الصرف، والتهرب من الـ tva.

وقالت: احدى شركات استيراد النفط اخذت 22 مليون دولار على اساس السعر المدعوم لاستيراد المحروقات وهي لغاية اليوم لم تستقدم النفط، الامر الذي دفع مصرف لبنان الى اصدار بيان توضيحي حول هذا الامر، في حين ان الشركة اصدرت بيانا تبريريا. وفي واقعة مماثلة داهم وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن مستودعا للادوية في سدّ البوشرية، والسؤال: كيف علمت الوزارة بهذا المستودع دون سواه، ام ان هناك غطاء رفع عنه فتم دهمه؟!

وعلى اي حال، اضافت المصادر: لو لم تكن الشركات محمية او اقله هناك تواطؤ بينها وبين السلطات في الدولة، لما وصلنا الى هنا.

وردا على سؤال، اشار المصدر الى ان "الاموال انتهت"، والدعم سيرفع، معتبرا ان كل ما قام به مصرف لبنان- بغض النظر عما يقال- هو حل موقت، ومعالجة الازمة لن يدوم لاكثر من اسبوعبن. لافتا الى ان السلطة التنفيذية اصبحت في تقصير كامل، فهي تدعي محاربة الاحتكار والتهريب الا انها في الواقع تتفرج ولا تحرك ساكنا.

وهنا، اوضح المصدر ان وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال راوول نعمة من خلال سلسلة قرارات شرّع للتجار الـ cost replacement، بمعنى انه يحق للتجار البيع على السعر المرتفع وان كانوا قد اشتروا السلع على السعر المدعوم، بحجة توفير الاموال للشراء على السعر الاعلى! على الرغم من ان هذا الامر مخالف للمرسوم الاشتراعي 73/83، وقد جاء في المادة 3 منه: "عند مخالفة احكام الباب الاول والثاني والثالث والرابع من المرسوم الاشتراعي رقم 73/83 تحجز وتصادر لمصلحة الدولة (وزارة الاقتصاد والتجارة) المواد والمنتجات والسلع والحاصلات التي يكون المخالف اخفاها او حاول اخفاءها بواسطة الغش او التصريح الكاذب او التي هي من نوع وصنف البضاعة التي ارتكبت بها المخالفة في اي مكان وجدت ويمكن الحكم بمصادرة كامل الكمية المحجوزة او جزء منها حسب الحالة كما يمكن الحكم بمنع المخالف من مزاولة التجارة نهائيا او بوقفه عن مزاولتها لمدة موقتة".

وقال: على الرغم من ان العقوبة قد تصل الى السجن، الا ان وزير الاقتصاد سمح بهذا الاداء، واصبحت الاسعار وفق سعر الصرف اليوم، بغض النظر عما اذا كان التاجر قد اشترى السلع على اساس سعر ارخص.

واذ انتقد غياب الخطط على الصعيد الحكومي من اجل القيام باي خطوة علاجية للحد من غلاء الاسعار، قال المصدر: اصبحنا في نظام يشبه الاوليغارشية،  وهي عبارة عن مجموعة من النافذين هم بمعظمهم من التجار واصحاب المصالح يحومون حول السلطة ولديهم قناعة بانه يجب تعظيم الارباح، حيث يبقى هذا النظام قائما ومدعوما من هذه المجموعة التي تموله الى حدّ كبير، على الرغم من ان هذا الواقع يطلق عليه عمليا "الفساد".

واين هو الجانب السياسي من هذه الاوليغارشية؟ اجاب المصدر: الاموال لا تذهب فقط الى التجار، فـ "طول عمرها" الاحزاب السياسية تؤمن تمويلها من مرفأ بيروت والكهرباء، اما اليوم فالمرفقين "طارا"، وبالتالي التمويل السياسي بات يأتي اليوم من التجار.

وتابع: قد يلام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على انه لم يرفض مطالب السياسيين، ولكن ما كانت النتيجة حين رفض الاستمرار في تمويل متطلباتهم؟... انه الشلل العام!

واشار الى ان مصرف لبنان تحوّل الى شماعة تعلق عليها كل التهم، قال المصدر: في الواقع ما يحصل راهنا حرب بين السياسيين وبين سلامة، والاخير يعلم الى اين تذهب الاموال بواسطة التجار الذين يدفعون الخوات للسياسيين؟!

وهنا جزم المصدر ان ما بين  50 الى 70 % من الدعم يذهب الى التهريب ولحسابات خاصة، وليس المقصود بالتهريب ما يتم فقط عبر المعابر غير الشرعية، بل تهريب الاموال، حيث حركة نقل الاموال الى الخارج ما زالت مستمرة. اضف الى ذلك ان بعض التجار يشترون سلعا بسعر مدعوم ويجرون صفقات مع دول اخرى، فتذهب هذه السلع مباشرة اليها دون ان تمر بلبنان.