خطة الجيش وبيان الحكومة في الميزان الأميركي

لا زالت خلاصات جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في الخامس من الشهر الجاري تخضع لمزيد من التمحيص والتفسير على المستويات كافة.

الكل يتمسك بها بمن فيهم الرئيس نبيه بري وحزب االله، والكل يرى في أبسط تفاصيلها كل صنوف الشياطين. ما بين المقررات التي تضمنها البيان الحكومي والردود التي قدمها وزير الإعلام بول مرقص على أسئلة الإعلاميين وما تلا ذلك من تصريحات وتغريدات لرئيس الحكومة نواف سلام من جهة، وما بين مقاصد الرئيس بري حول الرياح السامة التي بدأت تنطوي وبركات السيدة العذراء بعد خروجه بالأمس من القصر الرئاسي وتفسيرات حزب الله من جهة أخرى مساحة أكثر من كافية لإيقاظ الشكوك وطرح العديد من التساؤلات.

يقودنا المنطق إلى الإستنتاج أنّ في ترحيب مجلس الوزراء بخطة الجيش ومراحلها المتتالية دون إقرارها، والإبقاء على مضمونها والمداولات بشأنها سرياً ما يؤكد أنها ليست نهائية، وأن اعتمادها سيبقى مرهوناً بالقدرة على تسويقها لدى الإدارة الأميركية بما يلزم إسرائيل تطبيق مبدأ «خطوة مقابل خطوة». هذا بالإضافة أنّ مجلس الوزراء مجتمعاً بما في ذلك الوزراء المنسحبون من الجلسة يعلم أنّ الإستعاضة عن المهلة الزمنية المحددة بنهاية العام بتقرير شهري يرفع إلى مجلس الوزراء قد لا يقنع الوسيط الأميركي، وقد يؤدي في أفضل الأحوال إلى أجندة إسرائيلية ملتبسة في تقديم التنازلات. 

كيف انعكست نتائج جلسة الحكومة على زيارة مورغان أورتاغوس وقائد المنطقة الوسطى الأميرال براد كوبر  إلى لبنان؟
لم يرقَ التقييم الأميركي لخطة الجيش إلى أكثر مما ذهبت إليه الحكومة إذ اكتفى بتوصيفها بالإيجابية، بمعنى أنها نقلت ما جاء في خطاب القسم والبيان الوزاري إلى حيّز التنفيذ ولكن بوتيرة لا تراعي ما نصّت عليه ورقة باراك وما تقتضيه حراجة الموقف.

لقد عزت قيادة الجيش أجندتها إلى الإمكانات المحدودة على الصعيد اللوجستي والموارد البشرية بما هو متوفر وليس بما يمكن استقدامه من معدات تقنية وتجهيزات قد تؤدي إلى رفع مستوى الأداء. إزاء ذلك لم تحصل اللقاءات التي كانت مقررة لأورتاغوس مع قادة الأجهزة الأمنية  بل اقتصرت زيارة الوفد الأميركي على الإجتماع بلجنة الإشراف على وقف النار في الناقورة وتنفيذ جولة فوق المنطقة الحدودية بين القطاعين الأوسط والغربي على متن طوافة عسكرية للجيش اللبناني للإطلاع على الواقع الميداني.

وبالتوازي مع إلغاء اللقاءات بقادة الأجهزة الأمنية لم يصدر عن الوفد الأميركي أي تعليق حيال خطة الجيش ومقررات الجلسة الحكومية جرياً على العادة، مما يعني أن الموقف يستدعي ما يتجاوز صلاحيات أورتاغوس، وربما ما هو أكثر من مجرد مراجعة مباشرة مع واشنطن، وقد يكون في عدم صدور أي تعليق إسرائيلي على البيان الحكومي وخطة الجيش ما يلاقي الموقف الأميركي. 

على الجانب اللبناني وفيما يمكن اعتباره انعكاساً للقلق الذي يساور المسؤولين بالرغم من الإرتياح المصطنع الذي أبداه حزب الله حيال ما اعتبره تراجعاً عن قرارات خاطئة، أو رياحاً سامة قد انطوت وفقاً للرئيس بري، فإنّ الزيارات المتبادلة في بعبدا وعين التينة تؤكد خطورة الموقف ومحاولة البحث عن مخارج لاستدراك تداعيات الجلسة الحكومية الأخيرة.

من جهة أخرى فإنّ التصعيد الميداني الذي طاول أهداف عديدة في الجنوب بالتوازي مع بيان الحكومة اللبنانية، كما طاول بالأمس معسكرات لقوة الرضوان في منطقة البقاع استخدمت لتخزين وسائل قتالية، لا يمكن اعتباره سوى الحد الأدنى من الإشتباك الذي ستحافظ عليه إسرائيل حيال التردد الذي يعيشه لبنان. 

فهل تقوى الزيارات المتبادلة وتوخي التبركات وحدها على الحؤول دون الذهاب نحو مستوى أعلى من التصعيد مع تبلور خيارات أميركية أكثر تشدداً، وهل يستمر السير على حافة الهاوية لا سيما بعد تلويح الرئيس دونالد ترامب من واشنطن بخطوات لاحقة إذا استمر الحزب في التمسك بسلاحه؟ وهل إدراج الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس على قائمة الإرهاب لتقديمهما الدعم المادي والمالي لحزب الله هو أحد الوسائل الجديدة التي ستعتمدها الولايات المتحدة للفصل بين حزب الله وبيئته؟