رئيس دائرة الجنوب في مصلحة البلديات في الكتائب مارون هاشم: مفهوم العمل البلدي يخضع لتطوّر المجتمعات

أشار رئيس دائرة الجنوب في مصلحة البلديات في الكتائب وعضو بلدية دبل المحامي مارون هاشم إلى أنّ رئيس البلدية حسب تعريفه القانوني هو رئيس السلطة التنفيذية، ينفّذ قرارات المجلس البلدي بعد أخذ الموافقة أو التصديق عليها من قبل السلطات المعنية والوصية على البلديات كالقائمقام والمحافظ والوزارة في حال وجوبها، كما أن القانون يمنح «الريّس» صلاحيات فعلية لجهة صرف الإعتمادات للموظّفين الثابتين وإدارة السير والشرطة، والتحرّك تلقائياً عند حدوث الكوارث لاحتوائها إلى حين انعقاد المجلس.

وعن سطوة رئيس البلدية ومحاولة هيمنته على المجلس البلدي والتحكّم بقراراته وتوجّهاته، يرى هاشم في حديثٍ لنداس الوطن، أنّ «المسألة مرتبطة بشخصية الرئيس وطبيعة المجلس وانسجامه، ومدى معرفة أعضاء البلدية صلاحياتهم»، لافتاً إلى أنّ «بعضهم وهذا ما نراه في كثير من البلديات، غير مطّلع كفاية على القوانين ذات الصلة، إذ يستغلّ الرئيس هذه الفجوة لمحاولة فرض سيطرته عليهم».

كما لفت هاشم في هذا السياق، إلى أنّ بعض رؤساء البلديات أو الأعضاء يخضع لتدخلات القائمقام في كلّ شاردة وواردة في أعمال المجلس البلدي من خارج صلاحياته التي ينصّ عليها القانون ويرسم حدودها، مشيراً إلى أنّ القائمقام هو موظّف لدى الدولة ويتقاضى راتبه من الضرائب التي يدفعها المواطنون، في حين أنّ المجلس البلدي برئيسه ونائبه وأعضائه منتخبٌ من قبل الشعب. وتابع: «لرئيس البلدية صلاحيات تجاه الأجهزة الأمنية في نطاق إدارته، وعليه أن يبادر تجاهها وتوجيهها وليس العكس».

وعن العاملين العائلي والحزبي، يرى عضو بلدية دبل، أنّ «دور الأحزاب ثانوي في الانتخابات البلدية خصوصاً في القرى والأرياف حيث تتراجع أمام الحاضنة العائلية»، منتقداً في الوقت ذاته الجانب السلبي للعائلات المتحكّمة في تشكيل اللوائح وفرض مرشّحيها من قبل «كبير العيلة أو الوجيه»، و»كأننا في مجلس عشائري، هو يقرّر وعلى الأفراد الإلتزام بقراراته، حتى لو كانت خياراته في تحديد المرشحين لا تنطلق من معايير الكفاءة والرؤية والبرنامج».

وشدّد على أنّ «مفهوم العمل البلدي يخضع لتطوّر المجتمعات والتقنيات والتحديات الجديدة، ومقاربته بذهنية تحاكي متطلبات العصر وتحقيق التنمية المستدامة»، لافتاً إلى أنّ انتفاضة 17 تشرين، ضخّت وعياً مقبولاً خصوصاً لدى الشباب، تجسّد برفضهم أن يقرّر عنهم «رئيس العيلة» ما يريدون أو من ينتخبون، وأن رئيس البلدية هو لكافة المواطنين وليس حصراً على عائلته.

أمّا عن التحالفات الهجينة التي تقوم بها العائلات على أساس تغيير رئيس البلدية كل 3 سنوات، وتأثيرها على انهيار المجالس، ختم هاشم معتبراً أنّ القانون لا يلحظ هذا التغيير مطلقاً، بل هو «اتفاق ضمني بين الأعضاء لدى طرح الثقة برئيس البلدية ونائبه»، مضيفاً أنّ هذا العرف أو «البدعة» ينطوي على محاذير كبيرة من الناحية العملية، خصوصاً إذا كان المجلس البلدي غير منسجم، ولكلّ رئيس رؤية وذهنية مختلفتان عن الآخر، كأننا في مجلسين بلديين، فيعمد الرئيس الثاني (بعد 3 سنوات) إلى تصحيح أخطاء وتجاوزات الرئيس الأول أو العكس».

وشدّد على أن «فارق العمر واختلاف الثقافات والمقاربات بين أعضاء المجلس والدخول في لعبة الأحجام عبر التصويت لفرض قرارات لا تتناسب مع الرؤية الإنمائية للعنصر الشبابي، قد يؤدي إلى ضرب العمل البلدي والأهداف التي قام على أساسها».

في الخلاصة، تشكل البلدية الخلية الأساسية للمجتمع السياسي، ومن خلاله يبرز القادة وتُمتحن معادنهم وريادتهم في كيفية إدارة الشأن العام وتحقيق خيره، ورغم ترهّل السلطة المركزية ومؤسساتها وافتقار البلديات إلى الأموال والإمكانيات المادية، يبقى لرؤساء المجالس وأعضائها دور محوري في استنهاض الهمم والكفاءات وتغيير الذهنيات، والإستثمار في الطاقات البشرية والشبابية، واجتراح الحلول عبر الهيئات المانحة والمنظمات الدولية وغير الحكومية المعنية في تعزيز التنمية المستدامة، وعدم انتظار الحلول من الدولة، فربما لن تأتي يوماً.