زيارة المفتي لدمشق تكتسب دلالات واسعة... توطيد العلاقة بعد التحول الكبير

استرعت زيارة مفتي الجمهوية الشيخ عبد اللطيف دريان لدمشق اهتماما لافتا، ولا سيما اجتماعه الأول بالرئيس السوري أحمد الشرع وتقديمه الوسام الأعلى له. وقد ذهب البعض بعيداً في التأويلات لهذه الزيارة، إلا أنها بحسب مصدر مقرب من دار الفتوى كانت تاريخية.

هناك من قال إنها بطلب سعودي، وهي تنفي ذلك، لكنها تؤكد أن ثمة مباركة من السعودية ومن كل دول الخليج واللبنانيين، وهي للصلاة في الجامع الأموي بما له من رمزية، ومن ثم لقاء الرئيس السوري للبحث في الشأن اللبناني.
والجميع يعلم أنه بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصلت العلاقة بين سوريا والطائفة السنية إلى القطيعة الشاملة، بعدما صوبت الأنظار في اتجاه النظام السوري وآخرين وراء اغتيال أحد الرموز السنية البارزة. وينقل أن الزيارة كانت ناجحة بكل المقاييس، واللقاء بين المفتي والرئيس السوري كان إيجابياً، وغاص في أعماق المواضيع التي تهم البلدين، ولكن أن يقال إنها جاءت من بسبب غياب الزعامة السنية في لبنان، واعتبار الشرع زعيماً سنياً في سوريا ولبنان، فذلك لا يمت إلى الحقيقة. وأكثر، ثمة من قال إن سوريا ستقتطع طرابلس وتضمها إليها، وصولا إلى دخول الإرهاب وسواه، وذلك كان بمثابة التشويش السياسي.

الواقع أن الزيارة جاءت في سياقها الطبيعي لتوطيد العلاقة، وخصوصا أن تحولاً كبيراً حصل، ولا ينكر أحد أن هناك أكثرية سنية في سوريا، والرئيس من هذه الطائفة، ومن الطبيعة أن تبحث شؤونها وشجونها، لكن المحادثات تناولت البعد الوطني اللبناني والعلاقة اللبنانية - السورية الندية بين الدولتين، واستقرارهما إيجابي لكليهما. 

يقول النائب أشرف ريفي لـــ"النهار": "هناك من ذهب للقول إن الإرهاب وصل إلى طرابلس وسوى ذلك، للتغطية على سلاح "حزب الله"، أو أن زيارة سماحة المفتي جاءت لتكريس الزعامة السنية للرئيس السوري، لكن كل ذلك جاء وفق ماكينة إعلامية تابعة للحزب وأعوانه، للتشويش على الزيارة والمطالبة الدولية بتسليم سلاحه، وخصوصاً مع وصول الموفد الأميركي توم برّاك إلى لبنان، ناهيك بأن العراضة العسكرية للحزب أمام السرايا حملت دلالة واضحة تصب في الخانة الطائفية والمذهبية، والطائفة الشيعية منها براء".

ويخلص ريفي قائلا: "معلوماتي أن الزيارة جاءت في إطارها الروحي للصلاة في جامع الأمويين، ومن ثم تفقد أحوال الطائفة في سوريا بعد هذا الانقطاع وسقوط النظام السوري، ثم اللقاء مع الرئيس أحمد الشرع الذي تناول كل جوانب العلاقة اللبنانية-السورية، أي أننا دخلنا مرحلة جديدة في العلاقة بين البلدين في إطارها السياسي والديبلوماسي والعلاقات الطبيعية واستقرار البلدين. أما أن يذهب البعض للقول أن لا زعيم في لبنان وأن الرئيس السوري هو الزعيم، وزيارة المفتي جاءت في هذا الإطار، فكل ذلك لا صلة له بهذه العناوين. الطائفة السنية في لبنان بخير، واليوم نرى السعودية وسائر دول الخليج تتعامل مع كل القوى السنية، إنما ثمة متضرر واحد من كل ما يجري هو "حزب الله" الذي يحاول تعويم نفسه بعد السقوط الكبير. إن زيارة المفتي حملت بعداً وطنياً مغايراً لكل ما تم ضخه من ماكينة الحزب".