سعي محموم وراء صفقة مربحة: تسونامي لشراء الأدوات الكهربائية

بعد ركود طويل، تشهد محالّ الأدوات الكهربائية في مختلف المناطق إقبالاً لافتاً خشية ارتفاع الأسعار في حال إقرار رفع الدولار الجمركي. خوف في معظمه مصطنع، يدفع كثيرين إلى التهافت للشراء من دون حتى تسلّم البضاعة، سعياً وراء «صفقة مربحة»

يمكن توصيف حركة الاقتصاد اللبناني، طوال العامين الماضيين، بأنه اقتصاد قائم على القلق. «مقامرة» مستمرة يجريها الناس يومياً تحسّباً للأسوأ، والكل يحاول أن «يزمط». سيناريو مثالي لكثير من التجار، سواء المتواطئين في لعبة بث الشائعات أو غير المتواطئين، فالجميع يستفيد من سيكولوجيا المستهلكين الخائفين.

يسخر أحد التجار من الهجمة على شراء الأدوات الكهربائية: «بلد ما في كهربا والناس راكضة تشتري أدوات كهربائية». لكن كثيرين لا يملكون ترف الترقب والتأكد ما إذا كانت الأخبار المنتشرة دقيقة أو كاذبة. هذه حال رشا ورالف المقبلين على الزواج الصيف المقبل: «نحاول توفير القرش، وأي زيادة في الأسعار ولو بسيطة أصبحت موجعة. في النهاية، نحن مضطرّون لشراء أدوات كهربائية للمنزل، وطالما أننا سنشتريها عاجلاً أو آجلاً فالأحرى أن نزمط بها الآن، في حال رفع الدولار الجمركي».

كثيرة هي المحالّ التي وضعت إعلانات على صفحاتها على «فيسبوك» تدعو المستهلكين إلى أن «يلحقوا حالهم» قبل ارتفاع الأسعار. «ترهيب» ترافق مع «ترغيب» وعروضات وحسومات، ما رفع المبيعات في بعض المتاجر «إلى حدود لامست الـ 50%» في بلد منهار، على ما تؤكد إدارة مؤسسة «غندور إلكتريك»، في النبطية الفوقا، «والإقبال كثيف من الشباب المقبلين على الزواج».

يؤكد غابي لطيف، صاحب «مؤسسة لطيف للأدوات الكهربائية» في جبيل، أن «الحركة الحاصلة أخيراً مصطنعة ووهمية يحركّها الخوف الذي جرى بثه بين الناس من احتمال ارتفاع الأسعار في حال إقرار الدولار الجمركي. ما لا يعلمه هؤلاء أنه حتى لو أقرّ رفع الدولار الجمركي، في ظل عدم وضوح أي سعر صرف سيرسو عليه، لن تكون الزيادة خيالية، وقد تتراوح بين 5 و15% حسب القطعة في حال اعتماد دولار جمركي على أساس 8 آلاف ليرة أو 10 آلاف ليرة. الزيادة الفعلية في الأسعار سببها ارتفاع أسعار الشحن من الصين». في المحصلة، «وقعت برأس الفئات المحدودة الدخل التي تؤثر فيها أي زيادة في الأسعار. وهؤلاء سارعوا أكثر من الميسورين الى الشراء». يؤكد لطيف أن الإقبال «ليس بالنسب المضخمة التي يجري تداولها. الحركة خفت بعدما تبينت الصعوبات التي تعترض إقرار الموازنة وخوف السياسيين من أثرها على الانتخابات. كثيرون اشتروا على قدر حاجتهم وما هم بأمسّ الحاجة إليه، خلافاً لما حصل مع بداية الأزمة وتهافت الناس لشراء ما تيسّر بالشيكات المصرفية أو حتى أخيراً مع صعود سعر صرف الدولار إلى مستويات قياسية. كلما ارتفع سعر صرف الدولار زادت الهجمة».

اللافت لدى معظم المؤسسات أن معظم الزبائن عمدوا إلى حجز البضاعة لغياب القدرة على سداد كلفتها كاملةً نقداً. يلفت عبد الله الحسين، نائب المدير في «مؤسسة أحمد طالب للإلكترونيات» في طربلس، إلى أن «الضغط أخيراً من الزبائن كبير. الناس يشترون كل شيء، وخصوصاً البرادات والغسالات والمكيفات. معظم الزبائن يشترون من دون أن يتسلّموا أغراضهم. يحجزون البضاعة ويدفعون بالتقسيط».

في مؤسسة «طبارة هوملاين»، زادت حركة المبيعات «بنسبة 30% تقريباً»، بحسب مدير المبيعات محمد قدوحة. يلفت إلى أن «الجميع يحاولون أن يحجزوا البضاعة من الآن. هناك إقبال من شبان وشابات مقبلين على الزواج ولم يستأجروا البيت بعد. الجميع يحجزون أي شيء، سواء مفروشات أو أدوات كهربائية». أما البارز فهو «كمية الدولارات الموجودة عند الناس» بحسب لطيف، مشيراً إلى أن «هناك شحّاً بالليرة. الجميع يدفعون دولارات نقداً».