سيناريوهات نهاية ولاية الحاكم: من امتهن موقع "القيادة الخلفية" يخشى وجوده في "الصف الأمامي"

مع اقتراب ساعة الصفر إيذانا بنهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء المقبل  ستطوى بعض الخيارات السياسية والمالية الصاخبة التي شهدتها البلاد في الأسابيع القليلة الماضية بكل ما رافقها من إثارة المخاوف والتقديرات النقدية والمالية التي أثارت الرعب في نفوس المواطنين، لتبدأ أخرى ليس من السهل تقدير ما ستكون عليه ان سعى أحدهم إلى إجراء مقاربة لما يمكن أن يتخذه الفريق الجديد الذي سيدير مصرف لبنان وعبره القطاعين المالي والنقدي.

فالمرحلة الانتقالية الجديدة والتي تم تقديمها بطريقة استشرافية مخيفة ولا سيما على المستوى النقدي، سمحت بتوسيع دائرة التكهنات بشأنها بما فيها تلك التقليدية إن تم الالتزام بما قال به القانون او لجهة الفلتان المرتقب ان تم استغلالها سياسيا للتغطية على ما سبق من مخالفات، وذلك نتيجة المناكفات والمماحكات التي حكمت المرحلة السابقة وتحديدا منذ المرحلة التي يبدأ احتسابها بعد "انتفاضة 17 تشرين" 2019 وما اشارت اليه من ارتكابات.

وقياسا على هذه المعادلة، التقت مصادر سياسية ونقدية في حديثها الى "المركزية"  على الاشارة الى عنوانين اساسيين تسببا بما جرى حتى اليوم، مهما تعددت المعطيات التي تغرق الملفات في شياطين التفاصيل التي تؤدي الى فقدان البوصلة الصائبة، والغاء اي امل بمحاسبة المذنبين والمخالفين بموجب خطة يتبادل فيها المذنبون أنفسهم من مختلف الأطراف فينجون جميعا من المحاسبة. وعليه لا بد من الإشارة إلى هذين المعطيين على الشكل الآتي:

- ان سارت الامور على طبيعتها ووفق ما يقول به قانون النقد والتسليف فان النائب الاول للحاكم يتسلم مسؤوليات الحكم وممارسة مهامه على كل المستويات وخصوصا ان هذا المسؤول هو من ابناء المؤسسة وقد امضى مع زملائه الثلاثة حتى تاريخ تحملهم هذه المسؤولية الى جانب الحاكم الاصيل وكانوا من شركائه في مختلف القرارات والإجراءات والتعاميم التي صدرت على كل المستويات طيلة ثلاث سنوات ومن غير المسموح التهرب من تحمل هذه المسؤوليات أيا كانت الظروف المحتملة.

- ان قرر المتحكمون باللعبة الحكومية والمالية في ظل غياب رئيس الجمهورية ينوون التوجه الى استغلال الازمة سياسيا لهو من اخطر ما يتم التداول به في الصالونات السياسية والمالية والقانونية والدستورية. وخصوصا ان نواب الحاكم قد عبروا في الفترة الاخيرة عن معارضتهم لمختلف القرارات والتعاميم المصرفية التي اعتمدها سلامة بطريقة أثارت الرعب في نفوس المواطنين بالنظر الى وجودهم الى جانبه طيلة الفترة الاخيرة في مواقعهم الملازمة له. وهم الاكثرية من اعضاء المجلس المركزي في المصرف الذين يمكن أن يتحكموا بالقرارات الصادرة عن الحاكم التي استندت في معظمها الى موافقة هذا المجلس. فلا يعتقدن احد ان مديري وزارتي المالية والاقتصاد ومعهما مفوض الحكومة لدى المصرف المركزي وهم من أعضاء هذا المجلس هم الذين كانوا الأكثرية القادرة للتحكم بقرارات الحاكم.

وبعيدا عن هاتين المعادلتين بما فيهما من تناقضات تميز المسؤولون اللبنانيون بتقديمها على مذبح الوطن، قالت مصادر سياسية ومالية محايدة بعيدة كل البعد عن صفوف مستشاري البلاط ان كل ما جرى في الفترة الاخيرة يشكل خروجا على كل أشكال المعالجات الدستورية والقانونية بمعرفة أصحاب النظريات التي تحدثت عن ملاحظات نواب الحاكم مطالبهم التعجيزية في ظل حكومة تصريف اعمال ومجلس نيابي لا يشرع سوى على القطعة عندما تتلاقى مصالح الاكثرية المطلقة التي تضمن النصاب القانوني للتشريع.

ولفتت  هذه المصادر الى جملة مخاوف دلت اليها الحملات الاعلامية المنظمة التي تسعى الى تبرئة المنظومة الحالية من كل ما ارتكب من قبل وتحميل المسؤولية الى الحاكم الذي يغار منصبه بعد ثلاثين عاما امضاها في حال من الوئام والتفاهم مع السلطة السياسية ممثلة بالحكومة ومجلس نيابي مطواع لم يخالفه الرأي يوما طيلة هذه العقود من تحمله المسؤولية وخصوصا تلك التي تحدثت عن قرب الارتطام الكبير ما لم يجر تفويض نواب الحاكم بما لم يطالب به حاكم المركزي يوما وهو ينفذ قرارات الحكومات المتعاقبة بالتنسيق والتعاون مع وزراء المالية والمجلس المركزي في المصرف.

وعليه لم تتوصل هذه المصادر سوى الى قراءة واحدة ومفادها أن الرعب الذي عبرت عنه أوساط من سيمسكون بالقرار المالي المرتبطين بطرف سياسي واحد بات يمسك بالحاكمية ووزارة المالية وديوان المحاسبة بعد النيابة العامة المالية شراء لـ "براءة مسبقة" قد تسمح لهم على وقع نهاية الصخب السياسي والحكومي بعد فشل كل المحاولات التي جرت في هذا الاطار،  لارتكاب ما لم يرتكبه أحد من قبل ورفع المسؤولية مسبقا عن فريق كان يفضل ان يحتفظ بـ "قميص عثمان" مالية ومصرفية شكلها حاكم المركزي طيلة العقود الثلاثة على قاعدة أنا من يدير ومن يحكم ولكن من موقع "القيادة الخلفية" وان وجوده في "الصف الامامي" يثير الخشية مسبقا لانه يدرك بانه لن يحميه من أي خطأ يمكن أن يرتكب في اي لحظة ان لم يكن هناك قرار بالتصرف بموجودات المصرف واحتياطيه الإلزامي وربما امتدت "اليد الجشعة" إلى موجودات المصرف المتبقية ومؤسساته وصولا إلى مخزون الذهب.