صراع بين أهل الحكم وتناتش حصص على حلبة التعيينات: التسييس والتطييف يعطّلان عجلات المركزي

من دون خجل ولا وجل ومن فوق السطوح، تخوض القوى السياسية معركة قاسية على حلبة "تعيينات" المصرف المركزي، فيما الناس تصارع لتأمين لقمة عيشها بالحد الادنى بعد ان اتى وباء كورونا، ليجهز عليها ماليا ومعيشيا. الدولار يحلّق ويلامس الـ3000 ليرة، لكن لا ضير في ذلك لدى السلطة الحاكمة. فهي، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية"، تواصل حروبها ومناكفاتها وكأن شيئا لم يكن، لفرض أزلامها في مجلس ادارة مصرف لبنان من جهة وفي هيئة الرقابة على المصارف من جهة ثانية، وفي المراكز المرتبطة المطروحة اليوم ضمن سلّة تعيينات ،عالقة منذ سنوات بفعل الصراعات السياسية – المذهبية – الطائفية عينها.

رئيس الحكومة حسان دياب يحاول تجنيب وزارته كأس "الانشطار" المرّ. فبعد ان فشل في اقناع مَن أدخلوه الى السراي، اي قوى 8 آذار، بحل "حبّي" للتعيينات يكون مرضيا للجميع، قرر ارجاء طرح الملف في مجلس الوزراء الى الاسبوع المقبل، و"تحجّج" بأن سِير المرشّحين لتولي المراكز لم يؤمنها وزير المال غازي وزني بعد، ولذلك لم تطرح التعيينات على طاولة الحكومة أمس كما كان مقررا.. الا ان الحقيقة تكمن في انه وضع القضية على الرف في انتظار نضوح اتفاق في شأنها بين المكونات السياسية، اتفاق قواعدُه للاسف محاصصتية طائفية، عنوانها 6 و6 مكرر. فاذا بقي العضو الشيعي في مكانه مثلا، يجب ان يبقى السني. أما مَن يحسم في اسماء الاعضاء ويبت بها، فهي الاحزاب المعنية "طائفيا" بها وأبرزها حركة امل والتيار الوطني الحر (الامر الذي أغضب زعيم المردة الى حد التلويح بالاستقالة من الحكومة!) والطاشناق، لكن ايضا الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل.

نعم، القوى غير المشاركة في الحكومة، دخلت أيضا على الخط هذه المرة. فتيار المستقبل رفع الصوت امس مصوّبا على حليفه "البرتقالي" السابق، متهما اياه خصوصا وقوى 8 آذار عموما، بمحاولة وضع اليد على حاكمية مصرف لبنان لـ"تدجينها" لانها حتى اللحظة عصية على سياساتهم وتوجهاتهم المالية و"الاستراتيجية"، عبر تطويق الحاكم رياض سلامة المعروف بقربه من التيار الازرق. هذا الصراع يدور فيما البلاد تمر في أسوأ أزمة اقتصادية – مالية - مصرفية في تاريخها المعاصر وربما القديم، وقد تخلّفت الدولة عن سداد ديونها للمرة الاولى، منذ أسابيع.

وملء الشواغر في المركزي اكثر من ضروري، تماما كما التعيينات في هيئة الرقابة على المصارف، لتمكين هذه الجهات، المعنية مباشرة بالازمة، من اداء واجبها كما يجب، والمشاركة في عملية انقاذ لبنان واللبنانيين والتخفيف من معاناتهم. لكن شرط اختيار شخصيات كفوءة تقنية تكنوقراط للمراكز، تتسلّم مناصبها للعمل والاصلاح لا اكثر، تماما كطبيب او مسعف وظيفته انقاذ مريض يُنازع. اما ادخال القوى السياسية معاونيها ومستشاريها الى المناصب، بعيدا من المعايير القانونية والتقنية المطلوبة، فسيحوّل المجالس الى ساحة جديدة للاشتباك السياسي، وسيعرقل عملها ويعطّلها من الداخل!