علب سجائر بـ 200 ألف... تحذير: التدخين يضرّ بالجيب ويزيد الفقر

كتبت رنا حيدر في النهار:

لطالما كان لبنان مستنقعاً من المآسي، إذ إنّه تقدّم على باقي الدول بتقليد أوسمة تظهر مدى استفحال وضعنا وتفاقم أزماتنا على جميع الأصعدة، واليوم يُضاف لقب جديد على اللائحة وهو "أعلى نسبة تدخين في العالم العربي"، لنحصد إلى جانب المركز الثاني للبلاد الأكثر تعاسةً في العالم، مرتبة الأكثر تدخيناً لدى شعبنا اليائس.

في تقريرها الجديد لعام 2023، نشرت مؤسسة "وورلد بوبيولايشن ريفيو" أرقاماً جديدة عن أعداد المدخنين في مختلف أنحاء العالم، ومنها لبنان الذي بلغت نسبة المدخنين فيه 42.6 في المئة، متصدراً بذلك اللائحة في البلاد العربية. أتت هذه النسبة إزاء أزمة اقتصادية خانقة أنهكت جميع قطاعات الدولة، وأدت إلى تراجع أكثر من 74 في المئة من الشعب إلى ما تحت خطّ الفقر. ولعلّ هذه النسبة تدلّ على مدى تعلّق اللبناني بالتدخين، لكنها لا تشير حتمياً إلى أنّ بيع التبغ ارتفع، إذ إنّ أرقام الاستهلاك لا تزال غير مبلورة، فهل زاد الاستهلاك في ظلّ ارتفاع الأسعار؟

الأسعار الحالية

كباقي قطاعات الدولة، توزع إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية جدول الأسعار للسجائر مع الارتفاع المستمر للدولار، إذ توسّعت الأسعار كالآتي:

وتجدر الإشارة إلى أنّ جميع السجائر تُصنّع في مصانع الإدارة "ريجي" بما فيها السجائر العالمية.

بالإضافة إلى لائحة أسعار المعسّل (المستخدمة للأركيلة)، ويوضح هذا الجدول أسعار مبيع المعسّل بما فيها الضريبة على القيمة الإضافية.

وفق الأسعار التي تنشرها إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية يؤكد عضو لجنة الإدارة جورج حبيقة أنّ "أسعار السجائر والمعسّل لم ترتفع عن العام الفائت، بل تغيّرت من جراء #الدولار. وتبعاً لذلك، بدا أن الأسعار ارتفعت، فالإدارة تبيع المنتجات الى رؤساء البيع بالدولار، الذين بدورهم يبيعونه الى باعة المفرق بالليرة اللبنانية وذلك منذ عام 1987. هذه الأسعار تُحدّد بالليرة اللبنانية حسب التاجر، ومن أجل عدم تحميل المستهلك فوق طاقته، عمدت الإدارة الى احتساب الدولار بنسبة 60 في المئة من قيمته الفعلية وذلك وفق معادلة تـمّت الموافقة عليها من السلطات المعنية".

فكم بلغت مبيعات التبغ وهل ارتفع الاستهلاك بحسب الأرقام؟

إدمان في سباق مع الدولار

يلفت رئيس مصلحة البيع في "الريجي" حسين سبيتي لـ"النهار" إلى أنّ استهلاك التبغ لا يتراجع "لو كان بحوزة الفرد 50 ألفاً وكان يعاني من صداع في الرأس فهو يفضّل شراء علبة سجائر بدلاً من دواء أو "بنادول"، هذه هي طبيعة الإدمان، فالامتناع عن التدخين مسألة صعبة".

وأشار إلى أنّ "المبيعات حافظت على أرقامها المعتادة، ولم يتأثر السوق إزاء الوضع الحالي، فحين كان الدولار 1500، كانت تُباع علبة "السيدرز" بـ1500، أي دولار، اليوم من جراء دولار السوق السوداء، اعتمدنا معادلة جديدة من شأنها أن تخفّف من وطأة الخسارة وأصبحت علبة "السيدرز" تناهز 60 سنتاً. تالياً، كنا ندفع قبل الأزمة رسوماً جمركية بالليرة اللبنانية على 1500 على القاعدة التالية: 40 في المئة "كاش دولار"، 30 في المئة "شيك دولار"، و30 في المئة بالليرة اللبنانية (على 1500)، أما اليوم فتبدّلت المعايير مع وصول الدولار الجمركي إلى 45 ألفاً، وأصبحت المعادلة كالآتي: 65 في المئة "فريش دولار"، 15 في المئة "شيك دولار"، و20 في المئة بالليرة اللبنانية لكن على سعر 45000 أي الدولار الجمركي".

وفي ما يخصّ المبيعات، وصلت عام 2022 إلى 1٫300٫000 صندوق سجائر، ولكن "هذا الرقم ليس مؤشراً صافياً لحركة السوق الطبيعية"، فيما العديد من المبيعات لا تسجَّل أو "تُهرّب"، ومن الممكن أن يكون الرقم أكثر ارتفاعاً، ما يؤكد أنّ "مبيعاتنا ارتفعت"، وفق ما يقول سبيتي.

عام 2021، وصلت المبيعات 1٫213٫000 صندوق سجائر، علماً بأنّه قبل 2020 كانت تصل المبيعات في الشهر إلى 80٫000 صندوق سجائر، أي 960٫000 صندوق سنوياً.

في ما يخصّ المعسّل وصلت المبيعات عام 2022 إلى 288٫000 صندوق، وعام 2021 وصلت إلى 329٫000 صندوق.

وعن موجة السجائر الإلكترونية، أكّد سبيتي أنّها انتشرت بذريعة أنّها "صحيّة أكثر من السجائر"، بالرغم من أنّها باهظة الثمن مقارنةً بباقي السجائر. وعلى غرار ذلك يزداد بيعها مع أكثر من 70٫700 صندوق عام 2022، مقارنةً بـ48٫000 صندوق في2021.

دور التبغ الاقتصادي

قد يغيب عن البعض العلاقة بين بيع الدخان ومداخيله إلى خزينة الدولة، إذ إنّ إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية "الريجي" التي تعمل تحت وصاية وزارة لمال قادرة على إنتاج مردود يدخل مباشرةً الى خزينة الدولة، وكانت قيمة المردود قد وصلت إلى ما يقارب 5.3 مليارات دولار وتشغل أكثر من 55 في المئة من إجمالي إيرادات القطاع، التي وصلت بدورها إلى 9.4 مليارات دولار منذ عام 1994. وقد أمنت الإدارة أو "الريجي" دخلاً صافياً للخزينة منذ عام 1994 لغاية نهاية عام 2021 بحوالي 6.7 مليارات دولار.

لكن ماذا عن زراعة التبغ؟

إنتاج زراعة التبغ يتقدّم

يؤكد رئيس ”اتحاد نقابات العاملين في زراعة التبغ والتنباك“ في لبنان حسن فقيه في حديث لـ"النهار" أنّ فيه السنتين الماضيتين تراجع الإنتاج الزراعي للتبغ إذ إنّه تأثّر بقفزات الدولار المستمّرة، فضلاً عن تراجع عدد العمال في مجال الزراعة بسبب الأزمة المعيشية، لكن حين تمّ تعديل الأسعار واعتُمد الدولار، عادت "الأمور إلى مجراها"، مضيفاً: "نعمل جهدنا بغية استكمال عمل زراعة التبغ، وهي زراعة شاقّة، و نشهد اليوم وتيرة متقدمة في عملنا، ليس ما نبغيه لكنها أفضل".