المصدر: النهار
الكاتب: ابراهيم حيدر
الخميس 7 آب 2025 08:20:16
يستعيد الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الثلاثية عينها "جيش، شعب، مقاومة"، كأن شيئاً لم يحدث بعد 7 تشرين الأول 2023 والحرب الإسرائيلية على لبنان التي دمرت قرى الجنوب واغتالت قيادات الحزب.
الرواية نفسها ساقها قاسم في كلمته أثناء انعقاد مجلس الوزراء لمناقشة حصرية السلاح، للضغط ولتبرير سياسة الحزب برفض النقاش في السلاح الذي يعتبره قوة للبنان في مواجهة إسرائيل. وفي مطالعته غير المتماسكة، سقط الأمين العام في فخ المغالاة في مقاربته لقوة الحزب، حين يستحضر "توازن الردع" الذي أثبت هشاشته في ظل رهانات غير واقعية وأوهام على هزيمة العدو، فيهدد بقصف إسرائيل من دون أي اعتبار للمصلحة الوطنية، متناسياً أن لبنان وصل إلى حد الاختناق قبل اتفاق وقف النار الذي وافق عليه الحزب سريعاً ببنوده المعروفة، ومنها انسحابه من جنوب الليطاني.
ليس الأمر مجرد مفارقة حين يستعيد "حزب الله" أجواء ما بعد حرب تموز 2006، ويسقطها على حرب أيلول الإسرائيلية 2024 بعد حرب الإسناد التي كلفت لبنان أعباء كارثية، فإذا به يرفع شارات النصر ويرفض الهزيمة، لكن مغالطته الكبرى أنه لم يقوّم ما حلّ ببنيته بعد الحرب والتغيّرات في لبنان والمنطقة، وكأنه يستحضر 7 أيار من دون أن يعني أن لديه القدرة على فرض أمر واقع على غرار مرحلة 2008، نظراً إلى ما حل بوضعه في حرب 2024، حتى أن سلاحه أُخرج من وظيفة المقاومة لإسرائيل، أو أنه سلاح ما عاد يشكل توازناً مع الاحتلال. والمفارقة أن قاسم الذي يتعرض حزبه يومياً لضربات إسرائيلية، لا يتنبه إلى أن خطابه كان كله ضد الدولة، أو هو يقصد ذلك تحت عنوان "حماية السلاح" الذي صار بما تبقى منه، إلى أن يُثبت العكس، سلاحاً داخلياً، لا يؤدي دوراً في مواجهة إسرائيل.
يحاسب الشيخ قاسم الدولة، فيما يُفترض أن يدعمها ويساعدها على بسط سيطرتها، وهي الضمان للبنانيين في استعادة الاستقرار، ويسائلها عما فعلت لتحرير الأرض بعد ثمانية أشهر على وقف النار، من دون أن يسائل حزبه على خيارات كادت تودي بلبنان، متجاوزاً كل الإخفاقات، حتى أنه اعتبر "أن إسرائيل ندمت على اتفاق وقف النار لأنه حافظ على قوة "حزب الله" في لبنان، ولذلك لم تلتزمه".
يهرب الأمين العام إلى الأمام، فإذا كان يتذكر أنه وافق على البيان الوزاري ومنح الحكومة الثقة على أساسه، ينبغي له أن يسير وفق مشيئة الدولة ويكون تحت جناحها وليس فوقها، فمعركة الدولة ليست مع "حزب الله"، وليس عزل المقاومة عن المعادلة الوطنية، أما سؤالها، هل التخلّي عن المقاومة والاستسلام لإسرائيل وتسليمها السلاح هو تحصين السيادة؟ ففي غير محله، قبل أن يضع بنيته على مشرحة النقد، والتخلي عن رهانات جرّت لبنان إلى مغامرات أطاحت فكرة الدولة. وها هو يعود إلى المعزوفة نفسها لنسف آلية حصر السلاح بيد الدولة والمغامرة بالبلد وأخذنا إلى ويلات جديدة.