كيف تؤثر العقوبات الأميركية في كيانات وأشخاص لبنانيين؟

شكّلت العقوبات الأميركية محور الاهتمامات اللبنانية في الأسابيع الماضية بعد فرضها بزخم على كيانات وأشخاص، وأكّدت من خلالها واشنطن التركيز على دعم العمليات والمؤسسات الديموقراطية في لبنان ومكافحة الفساد.

وفي التفاصيل، فرضت الولايات المتحدة في 4 نيسان (أبريل) الجاري عقوبات على شخصين لبنانيين هما ريمون وتيدي رحمة، بعد استخدامهما الشركات الخاصة بهما للفوز بعقود حكومية من خلال عمليات مناقصة عامة شديدة الغموض، وفق ما أورده موقع وزارة الخزانة الأميركية على الإنترنت. وقد حصلا عام 2017 على عقد لاستيراد الفيول واستخدامه من شركة كهرباء لبنان، ولاستيراد الوقود نيابة عن وزارة الطاقة اللبنانية في عملية مناقصة أُبلغ عنها على أنها فاسدة.
 
وإلى ذلك، أعلنت الإدارة الأميركية في 18 نيسان (أبريل) الجاري فرض عقوبات على شبكة لتبييض الأموال والالتفاف على العقوبات، ساعدت رجل الأعمال اللبناني وجامع التحف الفنّية ناظم أحمد الذي تعتبره الولايات المتّحدة مموّلاً لـ"حزب الله". وأشار بيان وزارة الخزانة الأميركية إلى أنّ أحمد، الخاضع لعقوباتها منذ عام 2019 "ضالع في تجارة (ألماس الدماء)"، في إشارة إلى الألماس الذي يُنتَج في مناطق تشهد اضطرابات ويستخدم لتمويل حروب أو نزاعات مسلّحة. ولفتت الخزانة الأميركية إلى أنّها تشتبه هذه المرة بضلوع أكثر من 50 جهة، بين أفراد وشركات، في مساعدة أحمد على الالتفاف على العقوبات الأميركية.
 
وإذ لوحظ الزخم الدينامي للعقوبات الأميركية المتعلقة بمسائل فساد في لبنان وعلى رجال أعمال لدعمهم "حزب الله"، فأي شرح علمي لهذه العقوبات؟ وماذا عن معانيها ودلالاتها؟ وإلى أي مدى تساعد هذه الإجراءات في تعزيز الشفافية في لبنان؟ وكيف؟
 
بول مرقص: مكافحة الفساد والانتهاكات
في السياق، توجّه "النهار العربي" بأسئلة عدّة إلى عميد العلاقات الدولية في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ الدكتور بول مرقص المتواجد في واشنطن منذ فترة، فقال إنه "بحسب القانون الأميركي، تلجأ الادارة الأميركية إلى العقوبات والأوامر التنفيذية لإدراج لبنانيين محدّدين على قائمة العقوبات وفرض قيود عليهم لكونهم، إما ساعدوا مادياً أو رعوا أو قدموا دعماً مالياً أو تقنياً أو سلعاً أو خدمات تدعم الأعمال المحظورة في هذه القوانين، ومنها الفساد وانتهاك حقوق الإنسان وسواها".
 
ويفصّل مرقص أن "العقوبات تُفرض على أشخاص إما قاموا بأعمال تهدف أو تؤدي إلى تقويض العمليات أو المؤسسات الديموقراطية، والمساهمة في انهيار سيادة القانون في لبنان ودعم عودة السيطرة السورية، أو المساهمة بأي طريقة أخرى في التدخل السوري في لبنان، أو التعدي على السيادة اللبنانية أو تقويضها، أو يموّلون "حزب الله" أو يقدّمون المساعدة له، تبعاً لأي قانون أو أمر تنفيذي نحن في صدده، أو يتصرّفون أو يزعمون أنهم يعملون لمصلحة أو نيابة عن - بشكل مباشر أو غير مباشر - لأي شخص يتم حظر ممتلكاته ومصالحه بموجب هذه الأوامر".
 
مرقص الذي دَرّس القانون الأميركي لسنوات في الجامعة الأميركية في بيروت، يشير إلى أنه "سبق أن أدرجت شخصيات لبنانية عدّة على قائمة العقوبات الأميركية SDN list بموجب هذه الأوامر التنفيذية، ومن بينهم نواب ورجال أعمال لبنانيون. وبموجب هذه العقوبات، سيتعذر على الأشخاص المدرجة أسماؤهم الاحتفاظ بحسابات مصرفية في لبنان أو الخارج بالدولار الأميركي أو إجراء أو تلقي تحاويل عبر المصارف الدولية المراسلة، كما أن الصعوبات هذه تنسحب على أقاربهم المباشرين ومن هم في دائرة أعمالهم".
 
ويضيف مرقص أن "المدرجين قد يواجهون صعوبات في السفر إلى عدد من البلدان، حيث يتمّ وضع قيود على جميع الممتلكات والمصالح الموجودة في الولايات المتحدة الأميركية العائدة للمدرجين على لائحة SDN، حيث يمنع تقديم أي مساهمة أو توفير أموال أو سلع أو خدمات من قبل أو لصالح أي شخص تم حظر ممتلكاته ومصالحه بموجب الأمر التنفيذي، وتلقي أي مساهمة أو توفير الأموال أو السلع أو الخدمات من أي شخص من هذا القبيل، كما لا يجوز تحويل هذه الممتلكات والمصالح أو تصديرها أو التعامل معها بأي طريقة أخرى. وقد خوّل وزير الخزانة الأميركية، بالتشاور مع وزير الخارجية، اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان تنفيذ هذه العقوبات".
 
رياض طبارة: العقوبات تفرضها وزارة المال استناداً للأولويات
من جهته، يرى سفير لبنان في واشنطن سابقاً رياض طبارة أن "السياسة الأميركية لا تفرّق بين "حزب الله" وايران. ويظهر أن العقوبات الجديدة تُفرض من وزارة المال في الحكومة الأميركية استناداً إلى أولويات كانت وضعت في مرحلة سابقة. ولا تزال هذه الأولويات مستمرة. وقد بدأت العقوبات على "حزب الله" في مرحلة أولى ثم فُرضت على مموليه وبعدها على حلفاء "الحزب" قبل أن تنتقل إلى ممولي حلفاء "حزب الله". ولن تتوقف العقوبات التي تُفرَض على أذرع إيران في لبنان، في ما يبدو أنها أشبه بتنبيه لبعض الساسة اللبنانيين الرئيسيين بعدما وصلت المسائل إلى أقاصيها بالنسبة إلى فرض عقوبات".
 
ويستنتج طبارة أنه "لا رسالة جديدة من العقوبات بل استمرار في فرضها على الجهات الأربع الداعمة لفريق "حزب الله". لا أعتقد أن هناك رسائل جديدة من زيادة وتيرة فرض العقوبات على امتداد الأسابيع الماضية. والجدير ذكره، أن المباشرة في فرض العقوبات لا يؤثر على لبنان ككل ولا يطال الاقتصاد اللبناني. وتشكل العقوبات سلاحاً أميركياً لمحاربة الفساد وتسهم في مضايقة الشخصيات الداعمة لـ"حزب الله" وتؤثر في تمويله بشكل خاص. ويتمثل العنصر الأهم في أن للعقوبات شروطاً أهمها عدم التأثير في الاقتصاد اللبناني وأن تكون موجّهة للحد من أعمال أشخاص معيّنين".