كيف تخفض السنة السجنية... وكيف يعالج اكتظاظ السجون؟

كتب عمر الراسي في "أخبار اليوم":

 

بعدما ناشد القضاة تطبيق المادة 108 من اصول المحاكمات الجزائية أي تسريع إجراء المحاكمات، التي وبحسب إحصاء وزارة الداخلية "ستخلي 1000 موقوف من السجون"، اعلن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال بسام المولوي انه تقدم باقتراح قانون الى مجلس النواب لتخفيض السنة السجنية إلى ستة أشهر، آملاً من النواب إقراره في أقرب وقت.

 

مواقف وزير الداخلية، تأتي في اطار السعي الى إجراءات لحل مشكلة اكتظاظ السجون منعاً لتدهور الأمور، حيث اوضاع السجون باتت مزرية، أوضح المولوي في هذا المجال ان "معاناة النزلاء في سجوننا مضاعفة من جراء الأزمة؛ إذ تضاف إلى الاكتظاظ معاناة الطبابة والاستشفاء، إضافة إلى الحاجة الملحة إلى صيانة المباني وآليات السوق والإسعاف. وفي ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي، تبرز الحاجة إلى تأمين مصادر مستقلة ومستدامة للطاقة تغذي السجون".

 

الى ذلك، يوجد أكثر من 8000 سجين داخل السجون والمحكومين منهم تبلغ نسبتهم 20.9% أي أنه يوجد 79.1 % بالسجون اللبنانية غير محكومين"، وفق المولوي، مطلع الشهر. كما تفيد بعض الاحصاءات ان استيعاب السجون يفوق الـ150%، حيث السجن المركزي في رومية الذي يتسع في الحد الأقصى "لـ1500 سجين، يضم اليوم أكثر من 3700 سجين يعيشون في ظروف قاهرة.

 

ولكن هل تخفيض السّنة السّجنية يعالج اكتظاظ السجون؟ واذا كان هو الحلّ ماذا عن الجرائم وجعل العقوبة رادعا لعدم تكرارها ولاخذ العبر؟

 

يوضح مصدر قضائي أن السنة السجنية تعني سنوات مدة العقوبة، موضحا ان نظام تحديد ثم تخفيض العقوبات يخضع لاصول وعادة هو قانون يقر في مجلس النواب بعد درسه، كما تحدد العقوبة حسب انواع الجرائم في المجتمع انطلاقا من مدى خطورتها وتفاقمها بالنظر الى سرعة ارتكاب الجرائم ونوعيتها.

 

وفي هذا الاطار، يشير المصدر الى ان نظام العقوبات في السويد وسويسرا والنمسا والنروج والمانيا... على سبيل المثال، حيث بعدما انخفض معدل الجريمة في تلك الدول، قررت السلطات المعنية فيها انه ينبغي تخفيض عدد الاشهر في السنة السجنية كون المجتمع يرتكب جرائم بشكل اقل، بمعنى ان الناس في تلك المجتمعات لم يعد لديها نزعة جرمية كما كانت في سنوات سابقة، ولكن حتى في هذه الدول لم يخفض قانون السنة السجنة الى اقل من 9 اشهر، وحين خفّضت سويسرا العقوبة الى ستة اشهر - لفترة معينة- لجأ القضاء الى تدارك الوضع واصدر احكاما بمدة اطول، فبدل ان يكون الحكم لخمس سنوات باتوا يصدروه لعشر سنوات.

 

ويتابع المصدر: في لبنان ونظرا الى الجرائم المرتكبة والاعداد المسجلة يجب ان يكون البحث باتجاه رفع السنة السجنية وليس العكس؟!

 

ويشدد المصدر على ان اي قانون من هذا النوع يجب ان يخضع لدراسة معمقة، فيجب ان تدعو اللجان النيابية قضاة عاملين في المضمار الجزائي لسنوات طويلة، من اجل المشاركة في النقاش واعداد الدراسات اللازمة انطلاقا من خبراتهم، معتبرا ان التشريع هنا لا يتناول قانونا يتعلق بوضع اصول جديد لمواد جديدة بل يتعلق بخبرة "ولي الامر" وهو هنا القاضي. ولكن للاسف مجلس النواب، دأب -وعلى غرار قانون درس قانون استقلالية القضاء- على الاستعانة بقضاة مبتدئين، او بالاحرى لا خبرة طويلة لهم في المجال الجزائي، هنا لا بد من الاشارة الى التدخل السياسي في اختيار قضاة يخضعون لسلطة السياسيين، وبالتالي هؤلاء لا يعطون النظرة الصائبة.

 

اذ يحذر المصدر الى ان القضية تتناول مصير المجتمع بأكمله، يقول: ممكن لمجلس النواب ان يصدر قانونا يتناول السجناء الذين تم توقيفهم خلال فترة معينة لتخفض السنة السجنية لهم استثنائيا الى ستة اشهر مراعاة للوضع الحاصل في تأخر محاكماتهم.

 

الى ذلك، توقف المصدر عند كلام وزير الداخلية -وهو قاض- لجهة اقتراحه الاسراع في المحاكمات ووقف اعتكاف القضاة، مذكرا ان الوزير كما كافة القضاة يعلمون ان القوى الامنية لا تسوق كل الموقوفين الى المحاكم لاسباب عدة.

 

ويضيف: اذا يهمه وضع الموقوفين فليَطرح مع رئيس الحكومة رد آلية الرواتب الى الـ8 آلاف ليرة للدولار، فعندها يعود القضاة الى العمل لبت في ملفات الموقوفين، سائلا: كيف يمكن للقاضي ان يصل الى عمله وراتبه لا يكفي لشراء المحروقات من اجل التنقل.

 

ويختم: تخفيض السنة السجنية يحتاج الى دراسة بروية وحكمة وجدية.