لا برودة في العلاقة بين الرؤساء...والحكومة تدفع بالأمور نحو الأمام

تستكمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة مهامها في محافظة السويداء السورية، بعد أن وصلت أمس الأول إلى المحافظة، لتقصّي الحقائق في الأحداث الدامية التي شهدتها السويداء منتصف تموز الفائت. وعمل اللجنة هذا كان نتاج مساع ومطالبات كان السباق فيها النائب السابق وليد جنبلاط، الذي كان أوّل من طالب بإجراء تحقيق دولي في أحداث السويداء، ثم تابع المسألة في اتصالات شملت العديد من الدول، وهيئات الأمم المتحدة، لاسيما مع رئيس لجنة تقصي الحقائق الدولية في سوريا باولو بينيرو ومفوّض حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة فولكر ترك، وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

داخليا، ووسط أجواء الانقسام السياسي وتباين المواقف بين الرؤساء، تدفع الحكومة بالأمور نحو الأمام وفق الآليات القانونية الملزمة، ومعالجة كل قضية على حدى، منعا لتشابك الملفات بعضها ببعض، على قاعدة "لا تزروا وازرة وزر أخرى".

وعلى هذا الأساس فتح باب تسجيل اللبنانيين غير المقيمين للاقتراع في انتخابات 2026، ضمن المهل القانونية المعتمدة.

فالخلاف على آلية اقتراع الإغتراب لستة نواب يتم استحداثهم على أساس القارات وفق المادة 112 في القانون الانتخابي الساري المفعول، أو الاقتراع لـ 128 نائبا وفق ما جرى في الدورات السابقة، شأن نيابي لا علاقة للحكومة به.

وفي سياق المسار الحكومي عينه ومنعا لتكرار مخالفة القرارات لم تنته تداعيات حادثة إضاءة صخرة الروشة عند حدود المواقف السياسية، فإصرار الرئيس نواف سلام على ملاحقة الفاعلين عبر القضاء دخل حيّز التنفيذ وبدأت الأجهزة الأمنية والقضائية تعقب المتورطين. ومنعا لمحاولة البعض الاصطياد في الماء العكر، وحرصا على هيبة الدولة وجّهت الدعوة اليوم لعقد جلسة لمجلس الوزراء في 9 تشرين الأول الجاري للاستماع الى التقرير الشهري الأول لقيادة الجيش حول تنفيذ قرار الحكومة حصر السلاح.

مصادر متابعة كشفت لـ "الأنباء" الإلكترونية ان ما يشاع عن تباينات وبرودة في العلاقة بين الرؤساء الثلاثة، غير صحيح. فالرؤساء الثلاثة على تنسيق دائم ويعملون في اتجاه واحد، كل من موقعه وعلى طريقته، والدليل على ذلك أن تكريم الرئيس عون قائد الجيش وتقليده وسام الأرز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر، ليس موجها ضد أي من الرؤساء، بل هو حق لرئيس البلاد ويأتي تقديرا لقيادة الجيش على مهامها، والتي ستضع تقريرها الأول أمام مجلس الوزراء".

ورأت المصادر ان "كلام الرئيس نبيه بري عن قانون الانتخابات النيابي النافذ، يصب في خانة تأكيد الرئيسين عون وسلام إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها، وان فتح باب تسجيل المغتربين تم وفق الآليات القانونية بموافقة سلام وبإطلاع من عون".

وأشارت المصادر إلى أن "ما قاله الرئيس سلام أمام وفود بيروتية زارته مؤيدة، يتلاقى مع موقف الرئيس بري الذي عبّر عن غضبه من تصرف حزب الله".

وكان الرئيس نواف سلام أكد أنّ "الخاسر الأكبر ممّا حصل في الروشة هو مصداقية الجهة المنظِّمة ومن يقف خلفها. فهي أخلت بتعهداتها".

وشدد على أنّ لذلك تداعيات، وأنّ قضية الروشة لم تنتهِ بعد. "فاستعادة هيبة الدولة تكون عبر تطبيق القانون ومحاسبة من أخلّوا بتعهّداتهم". وعن مسار حصرية السلاح، قال: "عنوان الأمن والأمان هو حصرية السلاح". مضيفا "لا يمكن أن يشعر المواطنون بالمساواة في ظل امتلاك بعض الأطراف للسلاح". وأشار إلى وجود جهات ممانعة "ولكن لا خيار آخر أمامنا إذا أردنا بلدًا لنا ولأولادنا. وقال: "أنا لم ولن أسلك غير هذا الطريق: دولة واحدة، قانون واحد، جيش واحد".

وفي سياق متصل يندرج ضمن سعي رئيس الجمهورية لتقليل حجم التباينات، استقبل الرئيس جوزاف عون رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، حيث تم التداول في عدد من القضايا والاستحقاقات الوطنية. وجرى التوافق على معالجة التباينات بحرصٍ على تحقيق المصلحة الوطنية العليا. وزار رعد أيضا قائد الجيش العماد رودولف هيكل، وتناول البحث الأوضاع العامة في البلاد.

قائد الجيش العماد رودولف هيكل وخلال تفقده أحد مراكز فوج التدخل الرابع في مدينة بيروت، قال: "سنكون بالمرصاد لكل مَن يحاول المس بأمننا، ولن يثنينا شيء عن إتمام واجبنا، مهما بلغت الصعوبات وبصرف النظر عن أي افتراءات أو شائعات".

في السياق الانتخابي وحيث بدأت القوى السياسية تنكب على رسم خططها الانتخابية، جدد اللقاء الديمقراطي على لسان أمين سر الكتلة النائب هادي ابو الحسن دعوته الحكومة لأن" تحسم الأمر في غضون أسبوع إلى عشرة أيام كحدّ أقصى، وأن تجيب بوضوح عمّا إذا كانت قادرة على تطبيق المادة 112 بالاستناد إلى المادة 123 وتوزيع المقاعد الستة على القارات، وعندها يمكن فتح باب تسجيل المغتربين وفق القانون ولغاية 20 تشرين الثاني كحدّ أقصى".

واستطرد: "اليوم أعلنت الحكومة فتح باب التسجيل للمغتربين، وبدأ هؤلاء يتصلون ويسألون: وفق أي قانون نسجّل؟ فإذا تم التسجيل على أساس المقاعد الستة في ست قارات فهذا أمر، وإذا كان على قاعدة التصويت للدوائر الخمس عشرة أي للمرشحين على 128 مقعدًا، فهذا أمر آخر، والنتائج ستتغيّر".

وتوجّه أبو الحسن بالسؤال إلى الحكومة: "من يتحمّل مسؤولية الخلل في النتائج؟" ،محذّرًا من أن هذا الموضوع قد يُطعن به لاحقًا، "فمن يسجّل اليوم على أساس المقاعد الستة، ثم يُعدَّل القانون ليصبح التصويت على 128 مقعدًا، ستكون النتائج عندها غير صحيحة. لذلك طلبنا من الحكومة خلال عشرة أيام أن تحسم هذا الموضوع.

وكان وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار قد أشار إلى أن "مجلس الوزراء كلف لجنة وزارية لدراسة قانون الانتخابات، وأنا أحد أعضائها". مشيرا إلى أنها عرضت تقريرا تضمن التحديات التي تواجه تطبيق القانون. 

ولاحقا، اجتمع مجلس الوزراء ولم يقرر إعداد مشروع قانون جديد، وبالتالي فإن وزير الداخلية ملزم تطبيق القانون الساري المفعول، والإلتزام مع وزارة الخارجية مهلة التسجيل".