لا ترسيم بري في المدى المنظور... ودور هوكشتاين لم ينتهِ!

حطّ كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الطاقة اموس هوكشتاين في اسرائيل بصورة مفاجئة، وتزامنت زيارته مع موقف لبناني لافت أعلنه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي عن استعداد لبنان لترسيم الحدود البرية مع اسرائيل. بعض المراقبين توقف عند عودة هوكشتاين الى المنطقة في هذا الوقت بالذات بالتزامن مع بدء التنقيب في البلوك  رقم 9 تنفيذا لاتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. فما هو دور هوكشتاين الجديد؟ وهل حان وقت الترسيم البري؟

وترددت معلومات ان بعدما حُلّت 7 نقاط خلافية من اصل 13، بقيت 6 نقاط للمعالجة، قابلة للحل. لكن وفق اي مرجعية سيأتي الحلّ؟ الحدود الدولية ام الخط الأزرق؟ ماذا عن مزارع شبعا التي وفق دوائر الامم المتحدة هي سورية في حين تؤكد الوثائق انها لبنانية. فاذا فهل سيتمكن لبنان عند التحديد النهائي للحدود من اعادة المزارع؟

العميد الركن المتقاعد انطون مراد يؤكد لـ"المركزية" ان "دور هوكشتاين لم ينته بمجرد إنجازه الترسيم البحري، وهو يتابع موضوع التنقيب، لذلك فإن عمله مستمر. اما الترسيم البري فكان من ضمن اتفاق الاطار الذي اعتبره رئيس المجلس النيابي نبيه بري انتصارا للبنان لأنه فرض تلازم المسارين البري والبحري. وتختلف التسميات حول الترسيم، لكن لا ترسيم حالياً، لأنه أساساً موجود منذ العام 1923 مع اتفاقية بوليه – نيوكومب وتم تثبيته باتفاقية الهدنة 1949 وبالتالي لا ضرورة للترسيم، خاصة في ظل المشاكل السياسية الموجودة في لبنان والتي تتسم بحساسية من كلمة ترسيم حدود".

عن الخلاف حول نقاط معينة حدودية، يعتبر مراد "انه يندرج ضمن إطار عملية تعليم الخط الأزرق وتتم معالجته، وقد بدأ ذلك منذ العام 2006، الموضوع مفتوح على المستوى الفني وقد تتم متابعته على المستوى التقني. النتيجة واحدة ولكن قد تختلف التسميات".

اي خط سيُعتمد للترسيم إذاً؟ يجيب: "الخط الازرق الذي تم اعتماده عام 2000 وكان خطأ كبيرا قبل به لبنان حينها، ربما رغما عنه، فللخط الازرق اضرار  بالجانب اللبناني، ولكن أيضا بالاسرائيلي والتي تسبب بها هو بنفسه من خلال اجتيازه الخط الازرق وبشكل رئيسي في موضوع بلدة الغجر، حيث سجل خرقاً واضحاً للخط الازرق. لذلك قد تكون المهمة المستقبلية لمعالجة هذه النقاط الخلافية وتسويتها ميدانيا من خلال تعديل الخط الازرق في بعض الاماكن بما يخدم الطرفين دون الدخول في عملية ترسيم ".

ماذا عن مزارع شبعا؟ يقول: "وضعها صعب جدا، لأن اسرائيل لن تنسحب منها إلا تحت الضغط او القوة، نظراً لأهميتها الاستراتيجية اولا من حيث مخزون المياه في داخلها والذي يروي حوضي الحاصباني والوزاني، ونهر الدان، وثانياً لأهميتها الدفاعية كونها مشرفة وتشكل حماية كبيرة لإصبع الجليل، لذلك الانسحاب منها لن يتم إلا اذا حصل ضغط عسكري قوي في هذه المنطقة".

أما الغجر فيعتبر مراد ان مسألتها أسهل  لأنها خرق واضح للخط الازرق وليس فقط للحدود الدولية، فالخط الازرق يتطابق في هذه المنطقة مع الحدود الدولية. هناك صعوبة فقط بالنسبة للسكان الموجودين في داخلها، لكنهم يشكلون جزءا بسيطا من المساحة التي ما زالت محتلة حتى الآن. الحلّ قد يكون بتحرير المنطقة غير المأهولة حالياً كمرحلة اولى، بانتظار ايجاد حلّ مستقبلي للمنطقة المأهولة".

يعتبر البعض ان الترسيم البري يعني الاعتراف باسرائيل؟ يجيب: "ليس اعترافا، لأن لبنان لا يفتش عن مشاكل مع العدو الاسرائيلي، بل العدو هو من يخلقها، واذا عددنا الاعتداءات على لبنان منذ العام 1948 حتى اليوم لوجدناها هي بالمئات. وبالتالي لبنان بالطبع له مصلحة باستعادة حقوقه، ففي حال استعادها تنتفي الحاجة لحصول مشاكل بينه وبين اسرائيل. لكن هذا لا يعني اعترافا بالعدو الاسرائيلي لانه غاصب وما زال يحتل دولة عربية هي فلسطين".

 والمناوشات جنوبا، هل ستؤدي الى ميني حرب رغم السعي للتهدئة مع بدء التنقيب؟ "لا اعتقد، لأن العدو الاسرائيلي حاليا اعجز من ان يدخل بحرب. المشكلة هي ان العدو كان يتصرف براحة تامة ويحاول ان يقضم من الاراضي اللبنانية مستغلاً الخط الازرق. لا يحق له ان يستغل الارض حتى الخط الازرق ويفرض على لبنان امرا واقعا، لأن الخط الازرق هو فقط للتحقق من الانسحاب الاسرائيلي. لكن ما يقوم به العدو الاسرائيلي هو انه يحاول ان يستولي على هذا الخط ويعتبره كخط حدود وهنا كانت الاشكالية، التي تم التصدي لها من قبل الأهالي والمقاومة على الارض. واذا استُثمر بشكل جيد كما حصل في موضوع الترسيم البحري فقد يعود بالفائدة على لبنان".

ويشدد مراد على ان "الدور الاميركي بدأ عام 2006 وما زال مستمرا مع هوكشتاين، كما ان المبادرات الاميركية وعبر اليونيفيل تدير الامور راهنا،  وقد يكون لهوكشتاين دور مساعد لليونيفيل، لكن لن نصل في المدى المنظور الى ترسيم بمعنى هدنة تشبه هدنة 1949".

ويختم: "المستغرب لماذا تركت الدولة الامور تتفاقم وتخلت عن الحقوق اللبنانية أقله مؤخرا في موضوع الغجر لناحية الاراضي واعترفت بها بأنها محتلة وتركتها رغم انها فارغة وكانت اليونيفيل تقوم بحراسة الاحتلال. كما ان مياه الوزاني تُجر دون حسيب او رقيب والشعب اللبناني يعاني من العطش. اما مزارع شبعا فهي تقصير فاضح ومزمن.