لبنان في دائرة اهتمام العرب: 6 أيام حاسمة للرد على المقترحات الكويتية

في اليوم الثاني من زيارته لبنان، كشفت وسائل إعلام عن بعض المقترحات، التي حملها وزير الخارجية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ أحمد الناصر إلى المسؤولين اللبنانيين بهدف نزع فتيل الأزمة مع الخليج.

وبينما تحدثت وسائل إعلام عن 10 مقترحات، قالت مصادر دبلوماسية لوكالة ​رويترز: «إن المقترحات تشمل: الالتزام باتفاق الطائف، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن والجامعة العربية، وإجراء الانتخابات في موعدها، وتشديد الرقابة على الصادرات للخليج؛ لمنع تهريب المخدرات».

مصدر حكومي لبناني أكد أن مبادرة بناء الثقة، التي سلمها الشيخ أحمد الناصر إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، قد تكون أكبر من طاقة الدولة اللبنانية على الاستجابة لها، بالنظر إلى واقع التوازنات المحلية، لافتاً إلى أنها تتألف من سلّة بنود، ورد معظمها في البيان الوزاري، ولا سيما لجهة التأكيد على سياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، والالتزام بالقرارات الدولية، مع ما يعنيه ذلك من ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، واحترام سيادة الدول العربية والخليجية، ووقف التدخل السياسي والإعلامي والعسكري في أيٍّ من هذه الدول.

وشدد المصدر على أن مجموعة الأفكار التي حملها الناصر قد تمت مناقشتها بين الكويت والسعودية والإمارات وفرنسا والولايات المتحدة ومصر، وستجري مناقشتها بين المسؤولين اللبنانيين باعتبارها مدخلاً إلى حوار جدي ومباشر، على أن يحمل وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب الرد عليها خلال زيارته إلى الكويت في 29 يناير الحالي. وفور الإعلان عن المقترحات توجهت الأنظار إلى كيفية تعامل لبنان معها ومدى قبول «حزب الله»، الذي يهيمن على القرارين السياسي والأمني بها.

وكان الرئيس ميشال عون قد أبلغ الناصر ترحيب لبنان بأي تحرك عربي من شأنه إعادة العلاقات الطبيعية مع دول الخليج العربي، وهو ملتزم تطبيق اتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية والعربية، مضيفاً أن «أفكار المبادرة ستكون موضع تشاور لإعلان الموقف المناسب منها».

فيما يلي التفاصيل الكاملة

استكمل وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد الناصر زيارته إلى لبنان، أمس، حاملاً معه مبادرة منسقة خليجياً لترميم العلاقة بين لبنان ودول الخليج ونزع فتيل الأزمة، تشمل الالتزم باتفاق الطائف وتنفيذ قرارات مجلس الأمن وإجراء الانتخابات في موعدها، وتشديد الرقابة على الصادرات للخليج؛ لمنع تهريب المخدرات والتعاون بين الأجهزة الأمنية.

غير أن الأهم من المبادرة هي كيفية استجابة لبنان لبنود هذه المبادرة في ظل هيمنة «حزب الله» على القرارين السياسي والأمني في البلاد، فهل سيقبل «حزب الله» تنفيذ الشروط التي وردت فيها، ولا سيما لجهة ما يتعلق بالنأي بالنفس عن الصراع الإقليمي وعدم جعل لبنان منصة للعدوان اللفظي أو الفعلي على دول أخرى؟ 

مصدر حكومي لبناني أكد أن مبادرة بناء الثقة بين لبنان ودول الخليج، التي سلمها الناصر إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، تتألف من سلّة بنود ورد معظمها في البيان الوزاري للحكومة، ولا سيما لجهة التأكيد على سياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، والالتزام بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، ولا سيما القرار 1559 والقرار 1701، مع ما يعنيه ذلك من ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبناني.

وتتعلق البنود الأخرى للمبادرة باحترام قرارات الجامعة العربية، والالتزام بالشرعية العربية، مع التشديد على اتخاذ إجراءات جدية وموثوقة لضبط المعابر الحدودية اللبنانية؛ لمنع تهريب المخدرات واعتماد سياسة أمنية واضحة وحاسمة تُوقِف استهداف دول الخليج من خلال عمليات تهريب المخدرات. وكذلك إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة اللبنانية، واحترام سيادة الدول العربية والخليجية، ووقف التدخل السياسي والإعلامي والعسكري في أيٍّ من هذه الدول.

وشدد المصدر الحكومي على أن زيارة الوزير الناصر هي زيارة منسقة خليجياً ودولياً، وأن مجموعة الأفكار التي حملها قد تمت مناقشتها بين الكويت والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والولايات المتحدة وفرنسا، موضحاً أن هذه الأفكار ستتم مناقشتها بين المسؤولين اللبنانيين باعتبارها مدخلاً إلى حوار جدي ومباشر، على أن يستكمل وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب بحثها مع المسؤولين الكويتيين خلال زيارته الرسمية الى الكويت في 29 يناير الحالي، حيث من المفترض أن يحمل معه جواب لبنان الرسمي بشأن المبادرة.

ولفت المصدر في الوقت عينه إلى أن هذه الشروط قد تكون أكبر من طاقة الدولة اللبنانية على الاستجابة لها بالنظر إلى واقع التوازنات المحلية.

من جانبها، أشارت مصادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى أن هناك ملامح إيجابية للأفكار التي حملها الناصر إلى لبنان، ولكن لم تبدأ مناقشتها بعد.

المواجهة الإيجابية

الكاتب السياسي علي الأمين رأى أن المبادرة هي ترجمة عملية للمسار والمواقف الخليجية التي عبرت عنها القمة الخليجية وقبلها جولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى دول الخليج والتي شكل لبنان محوراً أساسياً فيها، ولاسيما في ما يتصل بتداعيات الوضع اللبناني على الخليج سواء بموضوع التدخل باليمن او بموضوع تهريب المخدرات.

وقال الأمين في تصريح لـ القبس إنه «إذا كان البعض يعتبر ان هناك سياسة إدارة ظهر خليجية للبنان تأتي زيارة وزير الخارجية الكويتي؛ لتثبت الحرص على العلاقة مع لبنان وابداء استعداد للتعاون».

واضاف: «هي شكل من اشكال المواجهة الايجابية والتفاعل الايجابي، وللقول إن العلاقة لم تقطع ولكنها مشوبة بمجموعة اخطاء وخطايا تجب معالجتها، وبالتالي كل العناوين التي تُطرح لا تجد اعتراضاً رسمياً لبنانياً بالمعنى المبدئي».

واعتبر الأمين أن هذه الخطوة هي مزيد من حشر الحكومة اللبنانية والدولة إزاء عناوين باتت فاضحة. وأهمية الموقف الخليجي أنه لم يعد يتجاوز هذه الملفات، خصوصاً أن أي تطلع لعلاقات جيدة مع الخليج ولجلب مساعدات يجب ان يمر من خلال معالجة هذه العناوين.

وبحسب الأمين، أصبح واضحاً أن الوزير الكويتي يحمل ملفاً خليجياً وليس كويتياً فحسب، مؤكداً استعداداً كويتياً للعب دور في هذا المجال، اذا كان لبنان مستعداً للخوض في هذه الملفات ومعالجتها. وربط الأمين هذا التحرك بتمنيات فرنسية دولية، إثر زيارة ماكرون الى السعودية، تحض على التعامل بايجابية مع حكومة ميقاتي.

فارس سعيد

النائب السابق فارس سعيد اعتبر أن مجرد زيارة وزير الخارجية الكويتي لبيروت تؤكد أن لبنان لم يخرج من دائرة اهتمام العرب وعلى رأسهم الكويت.

وقال لـ القبس: «هي زيارة صداقة بمدلولات كبيرة مهمتها الاساسية القول إنه ليس هناك من تخلٍّ عربي عن لبنان، ولكن هذا التمسك مشروط بدفتر شروط سياسي، وقد طرح الناصر خريطة طريق لتصحيح العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي».

وعن مدى استجابة الدولة لهذه المبادرة قال سعيد: إن لبنان غير قادر على الاستجابة، في حين لبنان الرسمي والشعبي والسياسي متضامن تماماً مع الاشقاء العرب.

ونوه سعيد الى أن الجميع يعلم أن هناك أمراً واقعاً على اللبنانيين، فهناك أقلية لبنانية عابرة للطوائف تتكلم عن احتلال إيراني صافي للبنان، وعلى هذه الاقلية أن تعمل لتصبح اكثرية نسبية، وهذا يتطلب وقتاً وجهداً وظروفاً سياسية داخلية وإقليمية.