لبنان وقدر الرحابنة

غالبا ما اتهم بأنني من أشد المتعصبين للمدرسة الرحبانية ولما أرسته هذه المدرسة العظيمة من قيم انسانية وحضارية وطبعا من قيمة مضافة في الشعر والفلسفة والموسيقى. 
ولكن بالامس ومن خلال الحفل الذي قدمته الفنانة اللبنانية العالمية هبة طوجي مع المؤلف الموسيقي المبدع أسامة الرحباني والعازف اللبناني الاصل ابراهيم معلوف زادني تعصبا واقتناعا بأن لبناننا لن يقوم الا بالصورة التي رأيناها بالامس والتي ارسى مداميكها في الماضي ذلك الثلاثي الفني المقدس كأرز الرب "عاصي منصور وفيروز".
أراد أسامة الرحباني وهبة طوجي بالامس حث طائر الفينيق على القيامة من بين الانقاض فاشتعلت بيروت والقلوب معها غناء وحبا والوانا وفرحا ملأ العاصمة وصولا الى بعلبك التي تنتظر  تلك الحورية الرائعة التي اطلت بالابيض علينا لكي توقظ الالهة من ذلك الثبات العميق. 

ما جرى بالأمس هو أبعد بكثير من حفل موسيقي عادي لا بل هو رسالة للقريب والبعيد بأن لبناننا ذات الهوية الرحبانية الصرفة الناصعة لن تقوى عليه كل محاولات التغيير وسينتصر على محاولات فرض الثقافات الغريبة عنه.
حفل الامس يشبه الى حد كبير برمزيته تلك الليلة الحالمة التي أحيتها العظيمة فيروز في وسط بيروت المدمر معلنة قيامة العاصمة من ركامها في اوائل التسعينيات من القرن الماضي ... وكأنما قدر الرحبانيين اعلان "القيامات اللبنانية" التي تخلف الويلات.
 لبنان المقيم والمغترب غنى وصفق وبكى وضحك وتأثر وتأسف وتحسر بالامس على لبناننا ولكنه حتما عاد اليه الامل والتصميم على ان رحلة التغيير بدأت والمشوار الى لبنان عاصي ومنصور وفيروز انطلق.

في الختام كلمات الشكر لن تفي أسامة الرحباني وهبة طوجي حقهما ولكنهما حتما  حفرا بالامس كل الأمل في قلوب اللبنانيين وبيقى الامل ان تصل بنا السفينة الى بر الامان وهناك يكون قد تحقق الوعد. 
اسامة الرحباني وهبة طوجي ولبناننا الاتي.
بيار البايع