المصدر: الراي الكويتية
الأربعاء 5 تشرين الثاني 2025 00:11:45
كشفت محافل سياسية وعسكرية إسرائيلية، عن محاولة أميركية - إسرائيلية لإلزام لبنان بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل وتوسيع اللجنة التي تشرف على تنفيذ وقف إطلاق النار، لتشمل مدنيين، في إطار تحوّل من المسار العسكري إلى السياسي.
وتؤكد المحافل العسكرية أن واشنطن قد تقترح إطاراً يفرض على لبنان تقليص نفوذ «حزب الله» تدريجياً ثم التفاوض حول ترتيبات طويلة المدى حتى حدود الاستدامة السياسية والأمنية.
وتكشف المحافل عن قلق إسرائيلي من إعادة تأهيل «حزب الله» وتوسيع قدراته العسكرية شمال نهر الليطاني، وتأكيدها أن استمرار هذه الأنشطة قد يدفع تل أبيب إلى تحرك أوسع عسكرياً. كما توضح أن واشنطن تريد «حصر الحيازة بالسلاح بيد الحكومة اللبنانية فقط»، ما يمثل تهديداً لمحدودية هامش إسرائيل في التصعيد.
وتقول المحافل «يبدو أن (الموفد الأميركي) توم براك كرّار في تعبيره عن إحباط الإدارة الأميركية من وتيرة نزع سلاح حزب الله، وهو يملي ما علينا أن نسأله لأنفسنا هو كيف نمنع هذا التنظيم من استخدام سلاحه وليس فقط فرض تفكيكه من الأساس. كما أن تصريحات براك حول تفكيك حزب الله من شأنها أن تتعارض مع مبدأ وقف إطلاق النار المتفق عليه وتطرح تساؤلات عن مدى التزام واشنطن بإطار زمني محدد ومتوازن».
وتعرض المحافل رؤية لبراك على نحو أكثر مباشرة: الولايات المتحدة لن تستطيع كبح إسرائيل، لكنها ستضغط لإبقاء مسألة السلاح محكومة بسيطرة الدولة اللبنانية وبإطار تفاوضي واضح. كما يُشار إلى أن إسرائيل تواصل تعطيلها للاتفاقيات مع لبنان وتوسع نفوذها العسكري على طول الحدود، وهو ما يعزز الشكوك حول جدوى أي تفاهم لبناني -إسرائيلي من دون ضمانات حقيقية حول نزع الحزب من سلاحه بشكل كامل.
المضمون يتردد بين ضرورة إعلان لبنان جاهزيته للمفاوضات المباشرة مع إسرائيل حول ترتيبات وقف إطلاق النار وصولاً إلى اتفاق سياسي شامل، وبين قدرته الفعلية على نزع سلاح الحزب بالكامل.
يلاحظ وجود تباين بين قراءة لبنان الرسمية التي تتحدث عن نزع السلاح وإعطاء الجيش مهمة استكمال ذلك، وبين ضغوط واشنطن وربما تل أبيب التي تدفع نحو تسوية ذات طابع سياسي - أمني أكثر حذراً وتدرجاً.
وترى مصادر إسرائيلية، أن لبنان يتوقع أُفقاً يزداد فيه الاعتماد على دعم عربي محتمل لمؤتمرات قمة تشبه منظومة شرم الشيخ (في شأن قطاع غزة)، مع حزم ضمانات سياسية وعسكرية واقتصادية.
ومع ذلك، يبرز في التحليل وجود شكوك تشوب تطبيق هذه القرارات على الأرض بسبب واقع «حزب الله» وتوازن القوى الداخلي.
تصعيد محتمل أم ضبط للنار؟
وتشير المصادر العسكرية إلى أن إسرائيل تريد من لبنان أن يثبت مقدرته على نزع السلاح قبل الدخول في مفاوضات حول انسحاب أو حدود، بينما يعبر براك عن رؤية تقضي بمنع الحزب من استخدام سلاحه أكثر من تجريده منه كشرط مسبق للمفاوضات.
ويركز على إعادة تسليح الحزب والتجاذب بين الجيش الإسرائيلي والمجتمع الدولي حول خطر تدهور الوضع. كما يشير إلى أن القيود المفروضة على إسرائيل في الحركة العسكرية قد تزداد مع التفاوض السياسي، ما يجعل من «التوصل إلى تسوية» أمراً صعباً إذا لم يضمن لبنان الحدّ الحاسم من السيطرة على «حزب الله».
الترسيم الحدودي والمرتكزات القانونية
كلا المحافل والمصادر الإسرائيلية يلمحان إلى ملف ترسيم الحدود البرية بموجب وقف إطلاق النار وقرار مجلس الأمن 1701، بما في ذلك المناطق المحيطة والقرى المجاورة. التفسير اللبناني لهذه المطالب قد لا يتطابق مع الرؤية الإسرائيلية، ما يعمّق فجوة الثقة بين الطرفين ويزيد تعقيد مسألة التقدم نحو اتفاق سياسي شامل.
التحدي الأكبر هو استمرار عجز لبنان عن فرض سيطرة كاملة على الحزب وتفكيكه، مقابل حزم خيارات المجتمع الدولي بالضغط على لبنان لتحقيق مسار تفاوضي مع إسرائيل. وجود رغبة عربية لاستضافة قمة وتقديم ضمانات سياسية وعسكرية واقتصادية يوحي بمحاولة بناء بيئة إقليمية مساعدة، لكن التطبيق العملي يبقى معرّضاً لتقلبات الشارع اللبناني وتوازناته الداخلية.
الخلاصة
مسار «تسوية مشابهة لغزة» يعتمد بشكل حاسم على قدرة لبنان على إرضاء إسرائيل والجهة الأميركية باستعداد واضح لنزع السلاح، وهو ما يبدو حتى الآن بعيد المنال، بسبب وجود قوة حيوية للحزب، ولدى لبنان نفسه جاهزية محدودة لإسناد ذلك على الأرض. في حين أن إسرائيل لا ترغب في القفز إلى انسحاب كامل من دون ضمانات متينة، وهو ما يفرض إطاراً تفاوضياً معقداً يتطلب مصداقية داخلية في لبنان واستعداداً أميركياً لتسوية شاملة تقودها جهة لبنانية تشرف على التزامات صارمة.