لبنان يعيش أجواء الاستقلال من قلعة راشيا

يحتفل لبنان في 22 نوفمبر من كل سنة بعيد الاستقلال، الذي تحقق في العام 1943، بفعل وحدة اللبنانيين وإصرارهم على رفض الانتداب الخارجي، الذي كان يتحكم في المنطقة.

يوم الاستقلال اللبناني، لم يكن يوما عاديا عابرا، بل حمل في طياته محطات ومفاصل تاريخية، وشهد مخاضا عسيرا ونضالا لبنانيا طويلا، بعد اعتقال سلطات الانتداب الفرنسية رئيس الجمهورية المنتخب وقتذاك بشارة الخوري ورئيس حكومته رياض الصلح وعدد من الوزراء، وتم احتجازهم في قلعة راشيا، على خلفية قيام حكومة الصلح بتعديل الدستور، لإلغاء المواد الدستورية التي تمنح فرنسا حق التدخل في الشؤون اللبنانية.

وقد ولدت هذه الحادثة موجة شعبية عارمة رافضة وغاضبة في معظم المناطق اللبنانية، وبوتيرة تصاعدية لم يتوقعها الانتداب، وتوسعت معها رقعة الاحتجاجات، وسط تكاتف روحي ووطني، فكانت المواجهة الأولى من بلدة بشامون التي لجأ إليها رئيس مجلس النواب صبري حمادة ووزير الدفاع مجيد ارسلان والوزير حبيب أبي شهلا، حيث أعلن عن تشكيل حكومة الاستقلال من منزل الشيخ حسن الحلبي واتخذت منه مقرا لها.

ونجح اللبنانيون وقتذاك بالوصول الى الاستقلال متحدين ومتكاتفين، بعد أن أطلقت سلطات الانتداب سراح الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح والوزراء تحت ضغط الشارع وتمسكهم بالصيغة والميثاق اللبناني.

مصادر ديبلوماسية عليمة ومتابعة، أكدت لـ «الأنباء» أن «استقلال لبنان هو المدماك الأول لمشروع ولادة الدولة اللبنانية في العام 1943». لكنها اعتبرت «أن هذا الاستقلال سيبقى منقوصا ويتيما جراء الذرائع الاسرائيلية».

فمنذ ذلك التاريخ، وهو منهك بالحروب والصراعات الاقليمية والدولية، وعلى وجه الخصوص جراء الاعتداءات والانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة منذ قيام الكيان الصهيوني في العام 1948».

وأشارت المصادر الى «أن الشواهد على تلك الانتهاكات عديدة ولم تتوقف في القرى الحدودية. فبصمات المجازر وتدنيس الأرض اللبنانية لا تزال ماثلة ومتواصلة حتى الساعة».

وتابعت: «لم يعرف لبنان الاستقلال الحقيقي. فالساحة اللبنانية شهدت رفع رايات العديد من الجيوش الصديقة والشقيقة، إضافة الى الوجود المسلح الفلسطيني واللبناني ونفوذ بعض الدول.. كلها عوامل مؤثرة ومقيدة للسيادة والاستقلال اللبناني».

واعتبرت المصادر «أن لبنان نقطة محورية في الشرق الأوسط، حيث كان يعرف بسويسرا الشرق، ما يجعله محط اهتمام دولي وأصحاب النفوذ العالمي».

رئيس بلدية راشيا رشراش ناجي، حيث «قلعة الاستقلال» قال لـ «الأنباء»: «كانت ولاتزال قلعة راشيا رمزا لاستقلال لبنان، حيث بزغ فجر الاستقلال من خلف أسوارها في ذاك اليوم، حيث تم إطلاق سراح رجالات الاستقلال الذين سجنوا في قلعة راشيا في 22 نوفمبر عبر احتضان شعبي كبير وقرارات سياسية وسيادية مهمة فكان الاستقلال».

وأضاف «بعد ترميم جناح الاستقلال بتمويل كريم من مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية بشخص الوزيرة ليلى الصلح حمادة، أضيفت رمزية كبيرة لهذه القلعة وما تحمله من معان لاستقلال لبنان، وأصبحت محط أنظار السياح والطلاب وخاصة في شهر نوفمبر من كل سنة».

وتابع «أما ذكرى الاستقلال لهذه السنة وبالرغم من كل التحديات الأمنية والسياسية وما يشهده لبنان عامة والجنوب خاصة، فتبقى في وجدان اللبنانيين وتاريخهم المضيء، ما يحتم علينا الاحتفال بها مثل كل سنة. وسيتم افتتاح المتحف المزود بأحدث التقنيات، وتحت إشراف اختصاصيين لبنانيين وأجانب ليحكي حكايات الاستقلال من جيل الى جيل».