لماذا ترفض القاهرة التهجير لسيناء؟

شرح وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في العاصمة واشنطن، الجمعة، موقف القاهرة الرافض لأي تهجير للفلسطينيين من غزة إلى سيناء.

وقال خلال فعالية نظمها "المجلس الأطلسي" المتخصص بالأبحاث في مجال الشؤون الدولية حول التحديات المرتبطة في الحرب في غزة، إن استمرار "التهجير والنزوح الداخلي" للفلسطينيين في غزة يشكل "انتهاكا للقانون الإنساني الدولي".

وكرر الوزير "في بداية النزاع صدرت تصريحات رسمية مفادها أن النية كانت تهجير أهل غزة إلى سيناء. هذا أمر غير مقبول إطلاقا".

وأطلقت إسرائيل عملياتها الجوية والبرية على غزة بعد شن حماس المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية هجوما في السابع من أكتوبر تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز 240 كرهائن.

وارتفعت حصيلة الضحايا في قطاع غزة الصغير المحاصر والمدمر جراء القصف الإسرائيلي لتبلغ الخميس 17487 قتيلا نحو 70 في المئة منهم من النساء والأطفال دون 18 عاما وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.

وفي شهرين من الحرب، قتلت إسرائيل 17487 قتيلا نحو 70 في المئة منهم من النساء والأطفال دون 18 عاما وفق وزارة الصحة التابعة لحماس، وأجبرت نحو 1.9 مليون شخص على النزوح، أكثر من نصفهم يلجؤون الآن إلى مناطق في وسط غزة أو بالقرب من الحدود المصرية، بحسب وكالة رويترز.

لماذا ترفض القاهرة التهجير لسيناء؟
وأوضح شكري أن القاهرة ترفض أي عملية تهجير لعدة أسباب إذ أنه يشكل "انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.. ويمثل تحركا لتصفية القضية الفلسطينية. وتصفية لتطلعات أكثر من 4 ملايين فلسطيني في إقامة دولتهم الخاصة.. وهو أمر غير مقبول على الإطلاق".

وبين أنه رغم تراجع الحديث عن هذه التصريحات، إلا أن "جميع الإجراءات التي يتم اتخاذها يبدو أنها لا تزال تؤدي إلى تنفيذ هذا التهجير"، مشيرا إلى نزوح ما يقرب من مليون شخص في غزة، مؤكدا أن "النشاط العسكري" والظروف غير الإنسانية تشكل الآن تهديدا بمزيد من التهجير خارج غزة.

وكشف شكري أن مصر تستضيف نحو 9 ملايين لاجئ من السودان وليبيا وسوريا والعراق واليمن وعدد من الدول الأفريقية، مؤكدا أن القاهرة تعاملت معهم بسياسة الدمج داخل المجتمعات وليس عزلهم في مخيمات.

وأشار إلى أن استضافة مصر لهذا العدد تعني أن القضية لا ترتبط "بالعبء الاقتصادي" في استضافة الفلسطينيين من غزة، إنما بسبب "التداعيات السياسية المرتبطة بهذا التهجير" حيث يتم "خلق ظروف تسبب تهجير الفلسطينيين من أراضيهم"، وإذا تم مثل هذا الأمر في غزة "فلماذا لا يكون أيضا في الضفة الغربية؟"، منوها إلى ارتفاع "الهجمات العدوانية والعنيفة التي يشنها المستوطنون حيث يخرجون الناس من منازلهم ويصادرون أراضيهم ويهدمون منازلهم".

الهدنة وإطلاق سراح الرهائن
وقال الوزير المصري إن مباحثات الاتفاق على إطلاق سراح الرهائن والمعتقلين كانت "مناقشات صعبة ومعقدة"، لكنها ليست "مستعصية على الحل"، مشيرا إلى أنه لو "استمر توقف العمليات العسكرية لكانت هناك مباحثات إضافية من أجل حل الخلافات التي ظهرت. إذ تتواجد اختلافات في التفسير والتصنيف، وحول من سيتم إطلاق سراحهم وضمن أي ترتيب".

وأعرب عن الشعور بـ"خيبة الأمل" لعدم تمديد الهدنة العسكرية حتى تتمكن الأطراف المختلفة من حل قضية الرهائن، مؤكدا أنها عملية مباحثات "مستمرة" وأن هنالك "مناقشات ذات طبيعة حساسة للغاية.. لا يمكن الخوض في تفاصيلها".
ولا يعتقد شكري أنه يجب إلقاء اللوم على أي من الطرفين بتوقف الهدنة والمباحثات، مشيرا إلى أنه لا يؤدي إلا "لتعقيد المفاوضات الحساسة، ولا يخلق الحوافز اللازمة لمواصلة المزيد من التفاهمات".

المجتمع الدولي والحرب على غزة
وأكد شكري أنه "في جميع الصراعات كان هناك دائما تصميم من جانب المجتمع الدولي على تطبيق ميثاق الأمم المتحدة والسعي إلى وقف الأعمال العدائية، وأن الصراعات يجب حلها من خلال الوسائل الدبلوماسية والسياسية وليس من خلال القوة".

واستدرك قائلا: "وفي هذه الحالة يبدو الأمر مختلفا، يبدو أن هناك إحجاما عن وقف إطلاق النار والدعوة عبر مجلس الأمن لوقف الأعمال العدائية".

وأكد أن "طبيعة الصراع أدت إلى مستوى غير مسبوق من المعاناة الإنسانية حيث تأثيره على السكان المدنيين في غزة، التي تعتبر المنطقة الأكثر كثافة سكانية في العالم، إذ تجاوز عدد الضحايا الـ 16 ألف قتيل بينهم نحو 6 آلاف طفل، وثلث الضحايا من النساء والأطفال، ناهيك عن تدمير أكثر من نصف المساكن والبنية التحتية، فيما تحذر وكالات الإغاثة من أننا على أعتاب كارثة إنسانية".
وأعرب شكري عن مخاوفه من استمرار الصراع، خاصة وأنه في منطقة حدودية مع مصر، الأمر الذي أثر بشكل مباشر على "الاقتصاد المصري بتراجع السياحة"، وتنامي المخاوف من التهديدات المرتبطة "بالتطرف وزيادة النشاط الإرهابي".

ماذا بعد الحرب؟
وأكد شكري أنه لا تتوفر "أي فكرة عما سيحدث في المستقبل. ليس لدينا أي فكرة عما سيكون عليه الوضع في غزة أو المنطقة في نهاية الصراع".

ودعا إلى ضرورة التركيز على ما يحدث على الأرض حاليا وإنهاء الصراع، ومن ثم الانتقال إلى تطوير استراتيجية بين مختلف المكونات للوصول إلى وضع أفضل.
وأشار شكري إلى أن أي مستقبل لغزة يجب أن يكون مرتبطا بالضفة الغربية كوحدة متكاملة، كما "لا يمكن فصل أي شيء يتعلق بمستقبل غزة بمعزل عن الوضع القانوني العام للاحتلال".

وقال إن هناك دولة "قائمة وهي إسرائيل، ومعترف بها دوليا وهي عضو في الأمم المتحدة، إن ما ينقصنا هو إنشاء دولة فلسطينية"، وهو ما سيؤدي إلى إنهاء الصراع وإنهاء دائرة العنف التي تحدث في غزة، بحسب ما يراه الوزير المصري.