ما مصير الـ 860 مليون دولار إن لم تتألف الحكومة؟

في 23 آب الجاري، دخل قرار صندوق النقد الدولي توزيع مخصصات من حقوق السحب للدول الأعضاء بقيمة إجمالية تصل إلى 650 مليار دولار حيّز التنفيذ، وقد حصل لبنان بموجبه على 860 مليون دولار من المفترض أن تدخل في حساب العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان قبل حلول منتصف أيلول المقبل، فما مصير هذه الأموال؟ وهل تشكل امتحانًا لتعاطي السلطات المحليّة مع هذا المبلغ لا سيما لجهة إنفاقه؟

اعتبر الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود أنّ هذه الأموال "سقطت من عند الله" لأنها غير مقصودة لمعالجة أزمة لبنان على وجه الخصوص، فتحرير 650 مليار دولار للعالم أتى لمساعدته على تجاوز انعكاسات جائحة "كورونا"، واستفاد لبنان من المبلغ المخصّص له على شكل سحوبات (SDR) يتمّ تحويلها من دول أعضاء.

ولفت حمود، في حديث إلى وكالة "أخبار اليوم" إلى أنّ هذه الأموال لا يتمّ تحويلها من "مصارف عادية" أو صرافين، لذا هي لا تُحوَّل بشكل سريع، وهي تحتاج لتدخل مصرف لبنان بسلطته وقدرته على لعب دور في  هذه العملية (من SDR إلى دولار).

وإذ أشار إلى أنّ استقرار لبنان مرتبط باستقرار مؤسّساته، اعتبر حمود أنه "لا يمكننا أن نستمرّ بالمبارزة اليوميّة مع مصرف لبنان ونحن نتجه نحو بنوك وأموال دوليّة"، داعيًا إلى تهدئة الصراع الهادم واللجوء إلى أساليب تصحيح المؤسسات بدل هدمها، والسعي إلى التحقيق والتفتيش في حال ارتكاب أي خطأ.

ووصف حمود الأساليب المعتمدة تجاه المصرف المركزي، القضاء والمؤسسات الأمنية، بـ"الإجراميّة"، من خلال هذا الصراع اليومي الهادم لا المصحّح.

وبالعودة إلى "نصيب" لبنان من أموال صندوق النقد، أكّد حمود أنها ضروريّة في هذه الفترة، لافتًا إلى أنه "ما لم تشكّل حكومة سيكون مصيرها مبالغ إضافيّة لمصرف لبنان لم تكن بالحسبان سيتمّ صرفها كما تريد السلطة السّياسيّة، مشدّدًا على أنّ ضغوطًا كثيرة ستمارس على "المركزي" لصرفها كما تُصرَف الأموال الموجودة بين يديه الآن، وستذهب بأكثريتها للمحروقات، الدواء والطحين، ما يؤدّي لاستمرار التجارة في السوق السوداء".

وتابع: "إذا أردنا الاستفادة من الـ 860 مليون دولار، علينا أوّلًا تحرير السوق من الدعم الذي يعود إلى السوق السوداء حيث قلّة من الناس تجمع الثروات، وهذا ما يؤكّده فقدان السلع المدعومة من الأسواق".

وأضاف: "بعد ذلك، يجب التأكد من أن الدعم في حال حصوله سيكون للمحتاجين واستمراريّة الدولة بكامل مقوّماتها بدءًا من القوى الأمنية لأنّ الوضع الآتي سيكون خطيرًا جدًّا، وانتهاءً بكل احتياجات الدولة لاستمراريّة مؤسساتها ودوائرها".

وسلّط حمود الضوء على أن مصرف لبنان وأمواله واحتياطاته لا يدخل بعمليّة الدعم، موضًّحا أنه في الاقتصاد العالمي هو جزء من موازنة وماليّة الدولة، عليها تغطيته من مصاريفها السنويّة.

وعن المسؤول عن تنفيذ كلّ ما سبق ذكره، قال حمود: "الحكومة، وليست أيّ حكومة، بل عليها أن تكون حقيقيّة وتستطيع أن تقوم بـ"الحمل"، وإلّا فنحن ذاهبون إلى أزمة قد تطول لأكثر من سنتين".

وشرح أن  "موجودات الـ SDR هي موجودات خارجيّة إضافيّة للبلاد، في أي اتجاه صحيح له يمكنه إعادة استخدامها"، معتبرًا أنّ المسألة هي في كيفيّة استعمال الأدوات الموجودة في لبنان والموجودات العائدة له، لافتًا إلى أن "الحل يبدأ بإعادة الإنتاج الحقيقي، من خلال فتح أبواب البلد ومحاكاة مؤسّساتنا وبعضنا البعض بلغة سويّة".

وختم: "الحوكمة اللبنانيّة لا تصحّ لبناء الأوطان، وتضارب صلاحيات ومهام السلطات التي تشكّل الدولة هي سبب الأزمات، من هنا قيامة البلد لن تكون بهذه السهولة، والمخرج الوحيد هو تشكيل حكومة صادقة وعودة كلّ فرد إلى موقعه ومركزه دون التطفل على صلاحيات غيره".