"ما منساوم" نقاط موسّعة مع مبادرة نيابية

كتب مجد بو مجاهد في النهار:

"يتوسّع مشروع حزب الكتائب الانتخابي "ما منساوم" في مقاربة البنود التفصيلية للرؤية الإنقاذية المنطلقة من عنوان كبير "السيادة" والأمن الوطني بدءاً من نشر الجيش اللبناني على كل الحدود اللبنانية واستكمال تسليحه وتكليفه وضع استراتيجية دفاعية. وتضيء الطروحات على تطبيق موجبات الدستور اللبناني والقرارات الدولية لجهة حصر السلاح ومأسسة المجلس الأعلى للدفاع. وتركّز على الحدود كعبارة كبرى تتضمّن الترسيم البري والبحري وتثبيت حقوق لبنان جنوباً وشمالاً وإقفال المعابر غير الشرعية كافة وضبط المعابر الشرعية. ولا تغفل موضوع السياسة الخارجية والمطالبة بحياد لبنان واستعادة علاقاته الدولية والعربية، إلغاء المجلس الأعلى اللبناني - السوري واتفاق الأمن والدفاع بين البلدين، إقرار قانون العفو العام عن اللبنانيين المبعدين إلى إسرائيل والالتزام بالمبادرة العربية للسلام وبالقرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وتعتبر غالبية المقترحات أهدافاً أساسية للقوى السيادية منذ سنوات، لكن واقع البلاد السياسي يجعلها غير قابلة للتحقّق في ظلّ هيمنة نفوذ محور "الممانعة".


ويسلّط برنامج الكتائب الأضواء بالأحرف العريضة على مصطلحي اللامركزية والشفافية، متناولاً ضرورة حصر استدراج العروض بإدارة المناقصات، تعيين وسيط الجمهورية وإقرار اقتراح قانون استقلالية القضاء. وتشكّل هذه النقاط أساس الإصلاحات التي تتكرّر المطالبة بها دون بلوغها. ويضاف إليها مضامين حول الإدارة العامة كإجراء مسح لحاجات الإدارة العامة من الموظفين ووقف التعاقد وإجراء مباريات مفتوحة لملء الشواغر في الهيكلية الجديدة للإدارة. ويقارب المشروع الانتخابي عنوان الدولة المدنية والمؤسسات الدستورية انطلاقاً من دعم إقرار قانون انتخاب يعتمد النظام الأكثري في الدائرة الفردية، إنشاء مجلس شيوخ، تعديل الدستور لتحديد المهل المرتبطة بالاستحقاقات الدستورية، تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، وإقرار قانون مدني اختياري للزواج والأحوال الشخصية. وتُقابَل بعض هذه الأفكار باعتراضات قوى سياسية أو دينية، ما يجعلها تواجه صعوبات مستمرة في القدرة على تحقيقها.

وينصّ المشروع الكتائبي على الإصلاحات الاقتصادية بما يشمل وضع رؤية وإقرار موازنة تراعي الاستراتيجية الاقتصادية للنهوض، وقف سلفات الخزينة المعطاة لمؤسسة كهرباء لبنان، إصلاح القطاع العام، التدقيق الجنائي، مكافحة التهرّب الضريبي، إعادة النظر في الإعفاءات الضريبية، إصلاح السياسة الضرائبية، وضع خطة التعافي الاقتصادي والمالي، إنشاء صندوق سيادي والبدء بمفاوضات مع الدائنين والاتفاق على توزيع واضح وعادل للخسائر. ويتطرق إلى السياسة النقدية بما يتضمّن مثلاً إعادة رسملة القطاع المصرفي وتوحيد أسعار صرف العملات الأجنبية. وتتداول الطروحات على "نار حامية" كمطالب آنية للتعافي دون الوصول إلى خواتيم على صعيد السلطتين التشريعية والتنفيذية حتى الآن. ولا يزال إقرار مشاريع قوانين أساسية معلّقاً في مجلس النواب. ويضيء على تفاصيل خاصة ببيئة الأعمال، البنى التحتية، قطاع النفط والغاز، النموذج الاقتصادي، الصناعة والسياحة، اقتصاد المعرفة، المجتمع، حقوق الإنسان والحريات العامة، الرعاية الصحية، كرامة الإنسان والأمان الاجتماعي، التعددية والثروة الثقافية، السياسة التربوية، البيئة، التنظيم المدني، إدارة الثروة المائية وضمان جودتها، الأملاك العامة البحرية والنهرية والجبلية ونوعية الهواء.

لماذا اختار حزب الكتائب التوسّع الكبير في الاقتراحات التي شملت 178 نقطة؟ يقول القيادي الكتائبي المواكب للبرنامج الانتخابي شارل سابا لـ"النهار" إن "المشروع نتاج استمرارية بدأت عام 2009 تحت عنوان "عقد الاستقرار" كبرنامج كان أكثر تفصيلاً. ثم طرحنا "مشروع 131" سنة 2018 دون البنود المحققة ومع إضافة مستجدات بأسلوب سهل للقراءة. وتشكّل النقاط الـ178 اليوم استكمالاً للمرحلة الماضية مع تركيز أكبر على الموضوع الاقتصادي بعد الانهيار والحاجة الى خطوات أكثر تفصيلاً على المستويين المالي والنقدي". وهل من قابلية للوصول إلى تحقيق المقترحات في ظل واقع المجلس النيابي الذي أنتجته الانتخابات؟ يجيب سابا بأن "تركيبة النظام اللبناني تصعّب التنفيذ وسط نظام تشاركيّ تحاصصيّ، فيما لا تبنى الأكثريات والأقليات على برامج انتخابية بقدر ما ترتبط بتحالفات حول عناوين عريضة ومصالح خاصة. نسعى كنواب إلى المبادرة لتنفيذ البرنامج. وهناك بنود لا يمكن تحقيقها بمسعى نواب الكتائب فحسب؛ بل تفترض أكثرية نيابية تصوّت على مقترحات القوانين وتسهم في التعديلات".

يحاول الكتائب تفعيل مروحة اتصالات للوصول إلى لقاءات تنسيقية كما في اجتماع "الثلثاء النيابي" الذي ضمّ مجموعة من نواب المعارضة للتوصل إلى جوّ يسهّل الاقتراحات ويعطيها فرصة إضافية للتحول إلى قوانين. وعن العراقيل القائمة في وجه تطبيق بنود البرنامج، يعتبر سابا أن "منهجية عمل البرلمان بطيئة جداً على صعيد عمل اللجان في دعوة الهيئات العامة لمناقشة الاقتراحات، فيما انكباب النواب اليومي على العمل مسألة شبه معدومة إضافة إلى الحرمان من التصويت الإلكتروني بما يصعّب التمييز بين النواب الذين يصوّتون مع أو ضد"، مشيراً إلى أن "بعض القوانين تفرّغ من مضمونها لدى الإقرار وسط منهج تعامل قائم لدى الكثير من النواب على تغليب المصلحة الشخصية، على الرغم من التزام المجلس النيابي بمشاريع القوانين الإصلاحية بحكم مطالب صندوق النقد الدولي. ومن التحديات التي تعيق تطبيق المقترحات، غياب سيادة الدولة وسلطتها التنفيذية على كافة الأراضي اللبنانية". وفي ما يخص النقاط الأكثر إلحاحاً لناحية السعي لتنفيذها، يرى أن "الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة ذات أولوية قصوى وهي معروفة، لكن تكمن الخطوة الأساسية في كيفية الوصول إلى إقرارها. هناك عقدة بعد ثلاث سنوات من الانهيار ومشكلة بنيوية سيادية في النظام اللبناني. تتمثل أولوية الكتائب في الوصول إلى إقرار الاصلاحات وحثّ القوى السياسية على تحمل مسؤوليتها عبر تشكيل حكومة وانتخاب رئيس مناسب داخلياً ودولياً".