مشاهد مقززة وتفنّن بالتعذيب وصمت.. سمعة لبنان بخطر!

كتب نادر حجاز في موقع mtv:

مشاهد صادمة، لا بل مقززة، تلك التي أظهرت عمّالاً لبنانيين وسوريين يتعرّضون للاعتداء والتعذيب في منطقة المجدل في قضاء جبيل.

محاولات تبرير كثيرة تعطي أسباباً تخفيفية للشاب صاحب البستان الذي قام بتصوير هذا الفيديو بعد اتهامه للعمّال بالسرقة، على اعتبار انه حصل في لحظة غضب، إلا ان هذه الحجج ساقطة إنسانياً بعدما بلغ حجم التفنن بالإذلال والامتهان لكرامة الانسان حدود الغضب المبررة، والتي خلقت تعاطفاً مع هؤلاء الضحايا حتى ولو ثبتت على بعضهم تهمة السرقة، ففي البلد قانون وأجهزة أمنية قادرة على متابعة الموضوع، ولسنا في "حارة كل مين ايدو الو".

وعاد هذا الحادث ليطرح ملف حقوق الانسان في لبنان بعد حجم الانتهاكات الكبيرة التي شهدها في السنوات الماضية، وعلى أكثر من صعيد، وضرورة أن يعود الى الواجهة لمنع استسهال أي مظاهر لا تحترم الانسان وكرامته، مستغلة الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد، خصوصاً وأن سمعة لبنان باتت مهددة أمام أعين العالم في ظل تكرر هكذا أحداث.

واستنكرت رئيسة جمعية "نضال لأجل الانسان" ريما صليبا هذه الحادثة، مستغربة الصمت الرسمي المريب باستثناء ما صدر عن وزير الداخلية وقوى الأمن الداخلي، مستذكرة وزارة حقوق الانسان التي كانت لتقوم بدورها في هذه اللحظة بالذات لو بقيت موجودة، سائلة: "أين اللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب ولماذا لم يصدر عنها أي موقف؟"، موضحة أن هذه اللجنة انبثقت عن وزارة حقوق الانسان وتتبع لمجلس الوزراء وما جرى يدخل في صلب مهامها.

وقالت صليبا، في حديث لموقع mtv: "المطلوب أيضاً من لجنة حقوق الانسان النيابية دوراً أكبر والمتابعة مع الأجهزة الأمنية والاستناد الى القانون الذي يجرّم التعذيب، وبالتالي متابعة الحالات التي تعرضت للتعذيب والتعويض عليها ورد اعتبارها والاعتذار منها كما شُهّر بها، وبغض النظر اذا ارتكبت فعل السرقة من عدمه"، مضيفة "بعض الجمعيات المعنية بحقوق الانسان فقط رفعت الصوت لكن الاستنكار وحده لا يكفي".

وشدّدت صليبا على انه "لا يجوز تحميل السوريين مسؤولية الانهيار وكل المصائب التي يعيشها البلد"، متوقفة عند الانقسام بين اللبنانيين في مقاربة هذه الحادثة، حيث كان رد البعض فيه الكثير من العنصرية، إضافة الى مضمون الفيديو الذي وُزّع ويحتوي على تهديد بالقتل واضح وصريح، لكنها في المقابل أشارت الى أن كثراً تعاطفوا وقاربوا الموضوع بإنسانية بعيداً عن السرقة إن حصلت أم لا، بحيث لا يجوز تعرية هؤلاء الاشخاص وتعذيبهم ومحاولة خنقهم بوضع حبات البطاطا في أفواههم وتكبيلهم وتصويرهم".

فهل القضايا الانسانية في البلد لم تعد موضع إجماع؟ تجيب صليبا: "للأسف لأن لا قضاء في لبنان والناس تأخذ حقها بيدها، والأمثلة باتت كثيرة بدءا من المواطن الذي حاول إحراق نفسه في أحد المصارف، وهذا الأمر للأسف يلغي القضاء والقانون والعدالة والنظام في البلد. ما حصل هو قمة اللا أخلاقية، لا سيما في ظل صمت المرجعيات من رئيس الجمهورية الى وزارة الشؤون المعنية ووزارة الصحة المطالبة بمتابعة أوضاعهم الصحية بالاضافة الى متابعة أوضاعهم النفسية عبر البرنامج الوطني للصحة النفسية المنبثق من وزارة الصحة. ففي النهاية هؤلاء هم ضيوف ولبنان مؤتمن على سلامتهم وعلى كرامتهم".

ولكن بعيداً عن الاستنكار والبيانات، هل من خطوات أخرى لمنع تكرار هكذا أحداث؟

تكشف صليبا عن إعداد جمعية "نضال لأجل الانسان" اقتراح قانون لتجريم كل ما له علاقة بالتشهير والقدح والذم واستخدام الفيديوهات للتشهير بالأشخاص قبل التأكد من صحتها، مؤكدة أنها تستعجل صياغته وعرضه على الكتل النيابية بعد حادثة العاقورة، سائلة: "مَن يعيد اعتبار هؤلاء الأشخاص ويعوّض عليهم أمام المجتمع مادياً ومعنوياً؟".

وبينما أعلنت عن تقرير سيصدر قريباً عن انتهاكات حرية الانسان في لبنان، أكدت صليبا أن "هذه اللحظة مفصلية لتفعيل حقوق الانسان في لبنان ولجنة حقوق الانسان النيابية لم تعد كافية".

فهل ستكون حادثة عابرة كما كل يوميات هذا البلد السوداء أم أنها ستفتح الباب واسعاً هذه المرة لوضع حد لكل هذه الانتهاكات التي يبدو أنها تحوّلت في زمن انهيار الدولة وصعود "السوشيل ميديا" الى مجرّد وجهة نظر؟