مع ظهور "تشات جي بي تي".. هل "ينقرض" محرك البحث غوغل؟

من الصعب تخيل الإنترنت دون "غوغل"، إلا أن ظهور "تشات جي بي تي"، القائم على تقنيات الذكاء الاصطناعي، على الساحة قد يعني "انقراض" محرك البحث الشهير، في ثورة تكنولوجية أشبه بتلك التي أطاحت بـ"نوكيا" و"بلاكبيري" و"كوداك" وغيرهم.

 

النجاح الكاسح لغوغل

محرك البحث الشهير أصبح جزءا لا يتجزأ من حياة البشر، حتى أن كلمة "غوغل" أصبحت تعني "البحث"، والدليل على ذلك أن الموقع أنهى عام 2022 باعتباره الموقع الأكثر زيارة في العالم.

تبلغ حصة "غوغل" المقدرة من سوق محركات البحث 92 بالمئة، وفيما يعد "بنغ" التابع لمايكروسوفت أقرب منافس له.

اليوم، أصبح هذا النجاح الهائل على مستوى العالم، مهددا بفضل "تشات جي بي تي" (ChatGPT)، وهو روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي، ظهر العام الماضي، والذي سيحدث تغييرا بمختلف أوجه الحياة، مثل كيفية استعداد الناس لمقابلات العمل، وكتابة الصحفيين للقصص، وأداء الأطفال واجباتهم المدرسية.

وتم تدريب "تشات جي بي تي" على كمية هائلة من النصوص عبر الإنترنت، مع القدرة على تقديم ردود شبيهة بالبشر بشأن أي موضوع تقريبا، مما أثار تكهنات بأنه يمكن أن يشكل تهديدا قويا لغوغل.

 

الخطر يزداد والشركات تتحرك

ولأن أكبر شركات التكنولوجيا في العالم أصبحت تعي الخطر المحدق بها، فإنها بدأت باتخاذ خطوات فعلية سريعة لتجنب أية كارثة محتملة.

صحيفة "نيويورك تايمز" ذكرت أنه تمت الاستعانة بمؤسسي غوغل، لاري بيج وسيرغي برين، للمساعدة في إضافة ميزات شبيهة بتشات جي بي تي إلى محرك البحث الذي أطلقوه منذ أكثر من 25 عاما.

يقال إن رئيس غوغل، ساندر بيتشاي، يريد تسريع خطط الشركة للمحادثة بالذكاء الاصطناعي في منتجاتها وخدماتها.

مايكروسوفت بدورها تستثمر مليارات الدولارات في "أوبن إيه آي" (OpenAI)، الشكة التي أنشأت تشات جي بي تي، مما يزيد من احتمال أن تجد طريقها إلى منتجات مثل "مايكروسوفت أوفيس".

سباق التسلح المحتمل للذكاء الاصطناعي هو سباق تنبأ به "قيصر" إعلانات غوغل السابق سريدهار راماسوامي، الذي يريد استخدام ما تعلمه خلال 15 عاما في الشركة، للمضي قدما في هذا الاتجاه الذي يحتمل أن يغير قواعد اللعبة.

 

فخ الأخطاء

مع أن "أوبن إيه آي" حققت إنجازا كبيرا بطرحها "تشات جي بي تي"، فإنها اعترفت أن الإجابات التي يقدمها يمكن أن تكون "مطولة بشكل مفرط وغير صحيحة أو غير منطقية"، وهو ما يعد واحدا من مخاطر الاعتماد على مثل هذه التقنيات.

"إنها لا تعرف الصواب من الخطأ، ولا تعرف المعلومات الموثوقة من القيل والقال"، وفق راماسوامي.

مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي كمحرك للبحث

هناك مجموعة من العوامل التي يجب وضعها في الحسبان، فيما يتعلق بالاعتماد كليا على دردشات الذكاء الاصطناعي كمحرك للبحث، عوضا عن موقع مثل غوغل، وتشمل:

 

التحيز

يمكن لمحركات البحث التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أن تتبنى تحيزات معينة بل وتضخمها، خاصة إذا كانت البيانات المستخدمة لتدريب النموذج متحيزة.

 

اختراق الخصوصية

يمكن لمحركات البحث التي تعمل بالذكاء الاصطناعي جمع وتخزين كميات كبيرة من البيانات الشخصية، والتي يمكن استخدامها للإعلانات المستهدفة أو لأغراض أخرى.

 

الرقابة

يمكن استخدام محركات البحث التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لفرض رقابة أو قمع أنواع معينة من المعلومات.

 

معلومات مضللة

قد تعرض محركات البحث التي تعمل بالذكاء الاصطناعي معلومات خاطئة أو أخبار مزيفة، خاصة إذا تم تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي باستخدام مصادر غير موثوقة.

 

فقدان الوظائف

من الممكن أن قد تؤدي محركات البحث التي تعمل بالذكاء الاصطناعي إلى فقدان الوظائف لأنواع معينة من الأعمال، مثل أمناء المكتبات أو مساعدي الأبحاث.

 

تهديد الأمان

قد تكون محركات البحث التي تعمل بالذكاء الاصطناعي عرضة للقرصنة أو أنواع أخرى من الهجمات الإلكترونية، والتي قد تعرض بيانات المستخدم للخطر أو تعطل نتائج البحث.

 

الاعتماد

الناس قد يصبحون معتمدين بشكل كبير على محركات البحث التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، مما قد يؤدي إلى نقص في التفكير النقدي ومهارات البحث.

 

الاحتكار

محركات البحث التي تعمل بالذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى إنشاء احتكارات قوية، وبالتالي إحداث نقص في المنافسة والابتكار.

وللإجابة على السؤال الأساسي فيما يتعلق بهذه التطورات، وهو ما إذا كان عرش غوغل مهددا بالفعل، قال راماسوامي لشبكة "سكاي نيوز": "فكر في الطريقة التي رأينا بها اختفاء مايكروسوفت ونوكيا وبلاكبيري من عالم الهاتف المحمول، وترك غوغل وأبل كلاعبين مسيطرين".