مكبّ الكفور.. أول صِدام جدّي بين "الثنائي الشيعي" وجمهوره

كشفت أزمة مكب النفايات في منطقة الكفور في النبطية، عن أول صدام جدي بين ثنائي "حزب الله" و"حركة أمل" من جهة، وجمهوره من جهة أخرى، بعدما بات الثنائي غير قادر على معالجة الأزمة البيئية التي انعكست صحياً على السكان.

على مدار العامين الماضيين، كان المغردون يتحدثون بشكل متقطع عن المكب، قبل أن تنفجر الأزمة بشكل كبير خلال الأيام الماضية إثر الإضاءة على محرقة للإطارات المطاطية، يغطي دخانها مدينة النبطية والقرى المحيطة فيها. 

وقالت جمعية الأرض - لبنان في بيان لها الشهر الماضي: "لا تزال معاناة سكان منطقة النبطية مستمرة جراء تنشقهم لدخان كثيف ناتج عن الحرق المتواصل للنفايات والدواليب في مطمر الكفور"، وطالب بيانها السلطات الرسمية "بالتحرك الفوري لوقف هذه المجزرة البيئية والإنسانية".

كالعديد من القضايا والآفات الاجتماعية، تقف الدولة عاجزة أمام معالجتها من دون إطلاع المواطنين على أسباب التقصير، فلا يظهر إذا كان التقصير مُتعمّداً نتيجة تسويات، أو ناتجاً عن إهمال وفساد إداري. ففي الحالتين، الثابت الوحيد هو غياب الدولة.
وظهر أن الجمهور في هذه المرّة، يئس من مخاطبة الدولة ومؤسساتها، ما جعلهم يخاطبون الثنائي الشيعي بشكل مباشر. هذا أقله ما ترجمته الحملة الرقمية الموجهّة ضد الثنائي والتي انطلقت الأحد الماضي بزخم كبير. 

ولم يجد الناشطون في الجنوب غير توظيف الشبكات الاجتماعية للضغط على أصحاب النفوذ للتخلّص من هذه الكارثة البيئية بعدما بات الوادي يُعرف بـ"وادي الموت". تتجاوز الحملة الرقمية الأصوات التي اعتادت معارضة الثنائي. تمتد اليوم الى بعض الأصوات التي انتخبت مُرشحي الثنائي مؤخّراً، وتتضمن مطالب وعتباً وسخطاً بسبب التجاهل والإهمال وغياب المبادرات العلاجية. 

وخلافاً للقضايا السياسية والاستراتيجية، لم تنخرط الجيوش الالكترونية هذه المرة في حملات مضادة ضد الانتقادات. لم تدخل خندق التخوين والتقاذف السياسي، ما قد يُفسّر تأييداً، ولو مبطناً، لهذه الأصوات المعارضة، بعدما لامست القضية ملفاً حيوياً وصحياً بات عبئاً على السكان. 

ويعتبر الناشطون أنّ المسؤولية تقع على عاتق الثنائي الشيعي، نظراً لتمثيلهم البلدي من جهة، ونفوذهم القوي في المنطقة، إذ لا يبرئونهم من منح الغطاء للمسؤولين عن المحرقة في المكب. ويعتبرون أن ثمّة صفقة ما، وهذا ما يفسّر غياب المعالجة منذ سنوات، علماً أنّ البيئة المُتضرّرة من الأزمة هي بيئة الثنائي نفسه.

ومن جانب آخر، ينتقد البعض سوء إدارة هذا الفريق لهذه القضايا، وتوجّه السهام أكثر إلى حزب الله باعتباره تنظيماً يملك من الإمكانات ما يخوّله معالجة الأمر خلال أيام. لكن، وبحسب الناشطين، فإن أولويات حزب الله في مكان آخر. فينتقدونه لأنه يقرع ناقوس الخطر ويجيّش جمهوره ويوظّف مؤسساته عندما تكون القضايا متصلّة ببعض المفاهيم الايديولوجية، أو تكون جهوزيته العالية لتنظيم بعض المراسم الدينية، فيما يغيب عن معالجة أزمات كأزمة المطمر.

في السنوات الأخيرة، وظّفت وسائل التواصل الاجتماعي لإعلاء الصوت في بعض القضايا الاجتماعية تحديداً، وفي الكثير من الأحيان تحقّق بعض المطالب نتيجة الضغط الرقمي. ويأمل الناشطون الجنوبيون في تحقيق تقدّم لمعالجة الكارثة بعيداً من التسييس، وينطلق هؤلاء من الضرر المجتمعي العام مخاطبين بدورهم إنسانية أصحاب النفوذ في الجنوب.

قد تكون هذه الأزمة مفتاحاً لمواجهة بين الجمهور والثنائي، وقد تتعدّى حملات السوشال ميديا بعدمت توالت الأزمات التي تعاطى معها الثنائي الشيعي على طريقة "دير الدَّينة الطرشة" بحسب قول أحد الجنوبيين.