ملامح الحكومة الفلسطينية المرتقبة.. ما الأسماء المرشحة لرئاستها؟

بصلاحيات "غير معروفة" ومهام "ثقيلة" وفي مواجهة "قنابل موقوتة"، تجرى مفاوضات فلسطينية لتشكيل "حكومة جديدة مرتقبة" لإدارة أوضاع الفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة في خضم الحرب بين إسرائيل وحركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى.

ويكشف مسؤولون ومختصون، تحدث معهم موقع "الحرة"، ملامح تلك الحكومة، والأسماء المرشحة لتولي منصب رئيس الوزراء الجديد، ومدى قبول السلطات الإسرائيلية الحالية للتعاون معها.

والاثنين، أعلنت الرئاسة الفلسطينية أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قبل استقالة حكومة رئيس الوزراء، محمد اشتية، في وقت تتكثف الاتصالات في الكواليس بشأن مسألة إجراء إصلاح في السلطة الفلسطينية مرتبط بمرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة.

وتأتي استقالة حكومة اشتية في وقت تتناول الاتصالات الدبلوماسية التي تشارك بها دول عدة حول مرحلة ما بعد الحرب مسألة "إصلاح السلطة الفلسطينية"، التي يرأسها عباس منذ العام 2004.

وبذلت فتح وحماس جهودا للتوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية، ومن المقرر أن تشارك الحركتان في اجتماع في موسكو، الأربعاء، وفق وكالة "رويترز".

ملامح الحكومة "المرتقبة"
في حديثه لموقع "الحرة"، يشير وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين السابق، أشرف العجرمي، إلى أن الحكومة المقبلة ستكون "حكومة تكنوقراط، ولا تنتمي للفصائل الفلسطينية".

وهناك شبه اتفاق حول أن تكون "تكنوقراط"، لكن "لم يحدث توافق حتى الآن حول المرشح الأوفر حظا لشغل منصب رئيس الوزراء"، حسب العجرمي.

وفي سياق متصل، يؤكد عضو المجلس المركزي بمنظمة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، عمر حلمي الغول، لموقع "الحرة"، أن الحكومة الجديدة الفلسطينية سوف تتشكل من "كفاءات متخصصة مستقلة بلا انتماءات حزبية".

ومن جانبه، يشير عضو المجلس الثوري بحركة "فتح"، أيمن الرقب، إلى أن "توقيت استقالة حكومة شتية"، يحمل أشياء إيجابية، وقد يأتي على "التفاوض لتشكيل حكومة تكنوقراط".

واستقالة الحكومة السابقة، جاءت في سياق "إصلاح السلطة وإعادة الحوكمة للسلطة الفلسطينية"، وفق حديثه لموقع "الحرة".


أما المحلل السياسي الفلسطيني، أشرف العكة، فيؤكد وجود "شبه إجماع أن تكون الحكومة القادمة "تكنوقراط"، وتحظى بـ"توافق وطني بين فتح وحماس وكافة الفصائل، وأن تكون مدعومة من الكل الفلسطيني".

وهناك "تفاهمات إقليمية ودولية" بأن يكون حصة حماس 5 وزراء أو أكثر من الحكومة الجديدة "شرط ألا يكونوا أعضاء في الحركة"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

وتتكون الحكومة الفلسطينية، من رئيس الوزراء وعدد من الوزراء لا يتجاوز  عدههم أربعة وعشرين، وفق "مركز المعلومات الوطني الفلسطيني".

محمد مصطفى أم سلام فياض؟

يتحدث العكة، عن "حالة جدل بشأن طبيعة وشكل الحكومة ودورها ومهامها، ومن يتولى منصب رئيس الوزراء، وصلاحياته".

ويرى أن "شخص رئيس الوزراء الجديد، محطة خلاف جدية"، فمحمود عباس يرغب في محمد مصطفى، لكن الأطراف الإقليمية والدولية ترغب في أن يتولى سلام فياض المنصب.

ومحمد مصطفى مسؤول سابق في البنك الدولي ورئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني منذ عام ٢٠٠٥، ويتمتع بخبرة في إعادة بناء غزة بعد حرب سابقة في عام 2014. 

وشغل مصطفى أيضا منصب، نائب رئيس حكومة التوافق الوطني الفلسطينية، التي شكلها رامي الحمدلله، في يونيو من العام 2014. 

أما سلام فياض، فقد شغل منصب رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية من 2007 حتى 2013، وشغل أيضا منصب وزير المال مرتين.

ومن جانبه، يشير الغول إلى أن "محمد مصطفى، هو أحد أبرز المرشحين لتولي منصب رئيس الوزراء بالحكومة الجديدة".

ويوضح أن "محمد مصطفى" عضو لجنة تنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية، ويحظى بقبول "فلسطيني".

ويتحدث عضو المجلس المركزي بمنظمة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، كذلك عن طرح اسم رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، سلام فياض، "عربيا ودوليا".

وحتى اللحظة لم يتم "الاتفاق" على اسم بعينه، لكن محمد مصطفى هو "الأوفر حظا فلسطينيا"، ولكن "لا يمكن الجزم بشأن القبول العربي، لتوليه مهام منصبه"، وفق الغول.

لكن الرقب يرى أن "محمد مصطفي (رجل نخبوي، وليس شعبي، وغير مؤهل قيادة وإدارة المرحلة القادمة)".

ويشير عضو المجلس الثوري بحركة فتح إلى أن، محمد مصطفى لديه تجارب سابقة "لم ينجح فيها"، بينما هناك حاجة لاختيار رئيس حكومة جديد يشعر بـ"المواطن الفلسطيني، ويحقق مطالبه، ويعبر عن اهتماماته".

ويشدد الرقب على أن "سلام فياض أكثر قبولا لدى المواطن الفلسطيني، وله نجاحات سابقة، عندما تولى مهام رئيس وزراء ووزير مالية سابق.

أما العجرمي فيشير إلى أن " الرئيس الفلسطيني، سبق ورشح، محمد مصطفى لشغل منصب رئيس الوزراء".

 لكن يجب أن يحظى رئيس الوزراء الجديد، "بتوافق كافة الفصائل الفلسطينية بما فيها حماس"، وفق وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين السابق.

ويؤكد العجرمي أنه لا يمكن أن تعمل "أي حكومة في قطاع غزة، دون موافقة حماس، والفصائل الفلسطينية هناك، لأنها تستطيع أن تعيق عمل الحكومة في القطاع".

مهام الحكومة المرتقبة

يوضح الغول أن الحكومة المرتقبة سوف تعمل على "إعادة إعمار وإسكان وتأهيل المواطنين الفلسطينيين، وتأمين دخول المساعدات، وإعادة تأهيل المستشفيات والجامعات والمدارس والمؤسسات العلمية والصحية".

وستعمل كذلك على "توفير وتأمين الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء للمواطنين، وترميم البنى التحتية، وتوحيد المؤسسات الفلسطينية والأجهزة الأمنية"، وفق عضو المجلس المركزي لـ"فتح".

ومن جانبه، يتحدث العجرمي عن عدة مهام للحكومة الفلسطينية الجديدة، وعلى رأسها "إعادة إعمار قطاع غزة".

وستعمل الحكومة الجديدة على "ترتيب الأوضاع بالقطاع والضفة الغربية للبدء بعملية سياسية تنتهي في نهاية المطاف بتأسيس دولة فلسطينية مستقلة"، حسبما يؤكد وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين السابق.


وفي سياق متصل، يشير الرقب إلى أن الحكومة الجديدة ستأخذ على عاتقها "إعادة ترتيب البيت الفلسطيني"، من خلال العمل على توحيد المؤسسات الحكومية في الضفة الغربية وقطاع غزة- إذا سمحت لها إسرائيل بالعمل في القطاع، على حد تعبيره.

وستعمل كذلك على "إعادة إعمار غزة، وجمع تبرعات وأموال لتنفيذ ذلك، ووضع رؤية لإجراء انتخابات فلسطينية، وتجديد الشرعيات المعطلة منذ عام 2005"، وفق الرقب.

وفي غزة، تم تعليق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد فوز حماس في عام 2006، وطرد السلطة الفلسطينية بعد ذلك من القطاع الذي يبلغ عدد سكانه 2.3 مليون نسمة.

وعقدت آخر انتخابات رئاسية فلسطينية في عام 2005، بينما أجريت آخر انتخابات تشريعية عام 2006.

"تحديات استراتيجية وقنابل موقوتة"

تمارس السلطة الفلسطينية التي تأسست قبل 30 عاما بموجب "اتفاقات أوسلو للسلام" حكما محدودا على مناطق من الضفة الغربية، لكنها فقدت السلطة في قطاع غزة بعد صراع مع حركة حماس في عام 2007.

وضعف نفوذ السلطة الفلسطينية كثيرا بمرور السنين وتظهر دراسات مسحية أن "شعبيتها ضعيفة وسط الفلسطينيين"، لكنها تظل الهيئة القيادية الوحيدة المعترف بها عموما من المجتمع الدولي، حسب وكالة "رويترز".

ويرأس عباس البالغ من العمر 88 عاما، السلطة الفلسطينية، وتراجعت شعبيته كثيرا منذ سنين في أوساط الفلسطينيين ويتعرض لانتقادات بسبب "عجزه" إزاء الحرب الدائرة في قطاع غزة والتصعيد المستمر في الضفة الغربية، وفق وكالة "فرانس برس".

ومنذ أشهر، لم تتمكن السلطة الفلسطينية من "دفع رواتب موظفي القطاع العام"، كاملة بسبب خلاف حول رفض وزارة المالية الإسرائيلية الإفراج عن جزء من الأموال، وهو ما يصفه الغول بـ"التحدي الاستراتيجي".

لكن هناك "وعود عربية ودولية" بتأمين هذه الاستحقاقات، فور تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة، حسبما يؤكد عضو المجلس المركزي لـ"فتح".

وفي سياق متصل، يشير الرقب إلى عدم "رواتب موظفي السلطة المتراكمة، منذ ٥ أشهر تقريبا"، ويرى في ذلك "أحد القنابل الموقوتة التي ستواجه الحكومة الجديدة".

وهناك "قنابل موقوتة" تحتاج التفكيك واحدة تلو الأخرى، لتحقق الحكومة الجديدة النجاح بدلا "حالة الإخفاق" التي "فرضت على سابقتها من عدة أطراف"، وفق عضو المجلس الثوري بحركة "فتح".

ويتحدث الرقب عن "تحديات" تتعلق بـ"الرفض الإسرائيلي، لعودة السلطة إلى قطاع غزة، ودخول الجيش الإسرائيلي المستمر لكل المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

ويرى أن دمج الموظفين في غزة والضفة الغربية داخل "مؤسسات حكومية موحدة"، خاصة أن كل المفاوضات السابقة كانت "ترفض دمج موظفي حماس داخل النظام الوظيفي الحكومي".

ويتفق معه العجرمي، الذي يؤكد أنه "لا يمكن إدخال أي موظف ينتمي لحماس إلى مؤسسات السلطة الفلسطينية".

وقد يتسبب ذلك في "منع إسرائيل تحويل الأموال لجميع موظفي السلطة المنتمين وغير المنتمين لحماس"، حسبما يوضح وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين السابق.

ويشدد على أن حركة حماس "لا تستطيع أن تبقى سلطة مسيطرة على قطاع غزة، ولا يمكن إعادة إعمار القطاع في ظل وجود الحركة على رأس السلطة هناك".

ويقول العجرمي:" على حماس تسليم ملف إدارة قطاع غزة كاملا، لحكومة وطنية توافقية".

وبعد الحرب في غزة، أصبح الوضع الداخلي الفلسطيني "أكثر تعقيدا"، لكن "عمليا هناك توافق وطني، بأهمية وجود حكومة، لمعالجة كل مشكلات الشعب الفلسطيني، والتعامل مع الأزمة الإنسانية"، حسبما يشير العجرمي.

ويلخص العكة التحديات التي الحكومة الجديدة في "وقف الحرب بغزة، وإعادة ضخ الأموال لموظفي السلطة، والتنسيق مع حماس والفصائل في غزة، من أجل العودة للقطاع، والبحث عن آفق سياسي للقضية الفلسطينية".

ويجب أن تسعى الحكومة الجديدة للحصول على "دعم مالي إقليمي ودولي المادي"، وضمان "الا يكون هناك قيود مالية إسرائيلية على السلطة الفلسطينية"، حسبما يؤكد المحلل السياسي الفلسطيني.

ما موقف الحكومة الإسرائيلية؟

تتعهد إسرائيل بـ"القضاء على حماس"، وتقول إنها لن تقبل أن تحكم السلطة الفلسطينية قطاع غزة بعد الحرب لأسباب أمنية.

وتواصل موقع "الحرة"، مع عدد من المتحدثين باسم مجلس الوزراء الإسرائيلي، وهم أوفير جندلمان، وديفيد بيكر، وهاني مرزوق، لمعرفة موقف الحكومة الإسرائيلية من "التشكيل المرتقب للحكومة الفلسطينية"، لكن لم نتمكن من الحصول على رد على أسئلتنا.

وقال هاني مرزوق لموقع "الحرة"، إنه "منشغل بانتخابات البلدية في إسرائيل، ولا يستطيع التعليق"، بينما طلب ديفيد بيكر إرسال الأسئلة له، ولم يجيب عليها حتى تاريخ نشر هذه المادة، فيما لم يرد جندلمان على محاولات الاتصال به. 

ومن جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، ليور حياة، لموقع "الحرة"، إن "إسرائيل ليس لديها تعليق على ذلك بعد".

ويؤكد المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، أن الحكومة الفلسطينية الجديدة "قضية هامشية" بالنسبة للجمهور الإسرائيلي، لكن "الأجهزة الأمنية والدبلوماسية" في إسرائيل "مهتمة بالموضوع".

والحكومة الإسرائيلية "لا ترغب في التعاون مع حكومة فلسطينية في قطاع غزة أو الضفة الغربية"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويشير المحلل السياسي الإسرائيلي إلى أن إسرائيل معنية بـ"عدم قيام حكومة في غزة"، وأن يكون هناك "زعامات محلية" تدير القطاع، دون وجود "سلطة مركزية" هناك.

ويشير شترين إلى أن "السلطات الإسرائيلية الحالية، لا تريد الالتزام بالتعاون مع أي حكومة فلسطينية".

والحكومة الإسرائيلية "تريد أن تحتفظ لنفسها بإمكانية عدم التعاون مع الحكومة المستقبلية الفلسطينية، خاصة إذا ضمت شخصيات مستقلة (تابعة لحماس أو مقربة من الحركة أو لها علاقات بها)"، بحسب المحلل السياسي الإسرائيلي.

وهناك تخوفات إسرائيلية من "وجود وزراء تابعين أو مقربين أو لهم علاقات بحماس بالحكومة الجديدة"، وتعمل إسرائيل حاليا على "تقوية القبائل والعشائر الموجودة على الأرض في غزة، على حساب إضعاف الأجهزة الأمنية التابعة لحماس".

واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق في إسرائيل في السابع من أكتوبر الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على الحركة"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، ما تسبب بمقتل 29878 فلسطينيا وإصابة 70215، وفق ما أعلنته وزارة الصحة التابعة لحماس، الثلاثاء