مناشدات لبنانية للتدخل.. والخارج كله ينتظر مبادرة داخلية

هل سيكون هناك مبادرة عربية تجاه لبنان قريباً؟ لا تزال الإجابة على هذا السؤال، تحتاج إلى وفرة في المعطيات لدى الدول المعنية بالملف اللبناني. لكن الأكيد أن الدول المؤثرة لبنانياً والمعنية به تجري استطلاعاتها، وتتلمس ما يمكن القيام به في المرحلة المقبلة. ومن بين هذه الزيارات الإستطلاعية، تأتي زيارة أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى بيروت، والذي أشار بوضوح إلى وجوب إنجاز الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية. مشدداً أيضاً على وجوب الحوار بين اللبنانيين.

انشغالات إقليمية
إلى جانب مواقف أمين عام الجامعة العربية، تشير مصادر متابعة إلى اتصالات عديدة تحصل بين مسؤولين لبنانيين ومسؤولين في الجامعة العربية، من بينهم الأمين العام المساعد للجامعة، وذلك في إطار إعداد تصور عام حول الوضع السياسي والانقسامات بين الكتل النيابية والقوى السياسية، وكيفية العمل على تسجيل خروقات فيها.

حسب ما تقول مصادر ديبلوماسية، فإن الحلّ الأساسي يعتمد على استعداد اللبنانيين مع بعضهم البعض للعمل على الخروج من الأزمة والبحث عن حلول سياسية واقتصادية. وهو ما سيلقى دعماً عربياً واضحاً حينها. ولكن على اللبنانيين أن يبادروا. فالملف اللبناني قابل للحضور على طاولة كل الدول المعنية والمهتمة، في حال توفر فيه أي جديد يمكن أن يحقق تقدماً على طريق الخروج من الأزمة القائمة.

إلى جانب ذلك، هناك وجهة نظر تفيد بأن كل الدول الإقليمية مشغولة بملفات ذات أهمية أوسع من لبنان، وهذا ينطبق على مصر، السعودية، الولايات المتحدة الأميركية وإيران. إلا أن هذا الإنشغال لا يمنع الالتفات ولو بنسبة بسيطة نحو لبنان.

التحرك الفرنسي
على الصعيد الداخلي، ووسط غياب أي مؤشرات جدية لتحرك سياسي بين القوى المتعارضة والمتخاصمة، تبرز رهانات متعددة على الدور الخارجي، سواء من قبل الجامعة العربية، أو من قبل التحرك الفرنسي، في ظل توسيع باريس لهامش اتصالاتها، لا سيما مع المملكة العربية السعودية ودولة قطر، وفق ما يقول مصدر ديبلوماسي فرنسي لـ"المدن".

من هنا يتوسع هامش الرهان اللبناني على أي دور خارجي قادر على المساعدة وتحقيق التقدم. وتصل الرهانات إلى حدود التمنيات أو المناشدات والمطالبات لدول الإقليم للاضطلاع بدور على الساحة اللبنانية، لرعاية أي اتفاق أو تسوية. ومن هنا، يأتي الحديث عن احتمال توسيع هامش الاجتماعات التنسيقية بين عدد من الدول الغربية والعربية، ولا سيما الدول الخليجية، للبحث في ما يمكن تحقيقه.

الضغوط على إيران
بموازاة هذه المناشدات والتمنيات اللبنانية، لا تزال المنطقة ككل تمر في حالة غليان على وقع الحرب الروسية الأوكرانية، وفي ظل المساعي لتجديد الحوار الإيراني السعودي، إلا أن الضغوط على طهران تتزايد، سواء من قبل الإسرائيليين، أو من قبل الأميركيين والأوروبيين، على خلفية الموقف من حرب روسيا في أوكرانيا، وآخرها ما قاله الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي خلال زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية وأمام الكونغرس، من اتهامات وجهت إلى طهران بدعم روسيا عسكرياً، والتورط في هذه الحرب. وهو ما استدعى رداً إيرانياً سريعاً. وهذا من شأنه أن يقود إلى زيادة منسوب الضغط على طهران، في مقابل المحاولات المستمرة للتهدئة ولتفعيل الحوار السعودي الإيراني من جهة، أو للعودة إلى مفاوضات الاتفاق النووي من ناحية أخرى.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الكثير من اللبنانيين يعتبرون أنه في حال حصل تطور إيجابي على خط تواصل طهران مع الغرب ومع دول الخليج، لا بد له أن ينعكس تهدئة في لبنان، ومنها يمكن الانطلاق للبحث عن تسوية. إلا أن ذلك لا يزال بعيداً ويحتاج إلى وقت طويل، وفق تقديرات مصادر لبنانية.