منطق المحاصصة مستمر... ماذا تبقى من الدولة لتقاسمه؟

 لا يبدو في الافق السياسي في لبنان ما يؤشر الى انفراج قريب لحل الازمات المتعددة والمتناسلة التي تحكم مساره كدولة قائمة وقابلة  للحياة والاستمرار. لا بل على العكس  فكل المؤشرات المحلية والخارجية تشي بسواد الحال والامور المتدحرج اليها البلد. في موازاة هذه الاجواء السلبية كاد البعض ينعى مهمة الموفد الرئاسي جان ايف لودريان قبل ان تبدأ لتتعاظم معها المخاوف من اندفاع الوضع الداخلي نحو مصاعب اكبر. الحل متاح وفق ما اكدت عليه اللجنة الخماسية لجهة ان يمارس اللبنانيون دورهم في انتخاب رئيسهم وفق مندرجات الدستور اللبناني حيث ان الوقت لم يعد يعمل لصالح لبنان. صحيح ان الدول الصديقة تشكل عاملا مساعدا للبنانيين في تجاوز ازمتهم لكنهم أضاعوا الكثير من الوقت والفرص. الفرصة المتاحة حاليا امتحان جدي للبنانيين. اللجنة الخماسية حددت الاطار الذي ينبغي ان يتوافق من خلاله اللبنانيون على انجاز الاستحقاق الدستوري في اقرب وقت ممكن. فلبنان بلغت ازمته مستوى عاليا من الاهتراء والمراوحة السلبية التي لا ينتج عنهما سوى مزيد من الاستعصاء الذي يخشى في اي لحظة ان ينحدر الى خلق ظروف قاهرة قد يشهدها لبنان يصعب معها اي حل حتى لا نقول يستحيل اي حل .

النائب بلال الحشيمي يستغرب عبر "المركزية" الاستمرار بمنطق المحاصصة والتقاسم السائد في البلد والمستمر منذ عهود حتى اليوم. ويقول: بالامس سمعنا رئيس التيار الوطني الحر يقايض حزب الله "اعطونا وخذوا" وكأن البلد لهما. ماذا بقي من هذه الدولة المنهارة. اللامركزية الادارية بند من بنود اتفاق الطائف ويمكن تطبيقه من خلال الدستور والمؤسسات المعنية وتحديدا المجلس النيابي. من هنا اعتقد ان اللبنانيين ان لم يحكموا امرهم، وخصوصا المسؤولين، لانقاذ البلد فعبثا تحاول اللجنة الخماسية بما فيها فرنسا العمل لانهاء المأساة التي يتخبط فيها لبنان. الدول تعمل مصلحتها. السعودية توصلت الى الاتفاق مع ايران. سوريا سعت بدورها للتصالح مع الرياض، وبدلا من ان نستفيد من هذه الاجواء الايجابية بادرنا الى الانكفاء اكثر عن المنطقة والاقليم والعالم وانحصر همنا في النكد السياسي الداخلي ومن يسجل نقاطا على الاخر. وسط هذا الانشغال تناسينا المشاكل الموجودة على الارض بدءا من سلاح المقاومة الذي يريد مواجهة اسرائيل وتحرير فلسطين فيما الفلسطنيون يتقاتلون في صيدا وصولا الى السلاح المتفلت والمنتشر بين ايدي الناس الذين يقتلون بعضهم على افضلية مرور ولاسباب تافهة. لا حل الا بتسلم الجيش زمام الامور قبل قيام الغيتوات العسكرية والامنية. لكن الخوف يتعاظم من ان يطاول الفراغ قيادة الجيش وكأن هناك مخططا لتفريغ الدولة من قياداتها ومؤسساتها المعطلة عن العمل.